بدأ الفلسطينيون في قطاع غزة يموتون ببطء بعد أن وضعتهم حكومة الاحتلال في سجن كبير وحرمتهم من الدخول والخروج والوقود ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تلجأ إليها في كل مرة بدعوى الرد على ضرب مستوطناتها بصواريخ القسام· ولم تكتف إدارة الاحتلال بذلك فقط بل واصلت آلتها الحربية جرائمها بقتل مزيد من الفلسطينيين تحت ذريعة أنهم نشطاء المقاومة والتأكيد في كل مرة أنهم كانوا يستعدون لإطلاق صواريخ على أهداف إسرائيلية· وقتلت قوات جيش الاحتلال أمس، فلسطينيين إثنين في غارة جوية ضربت شمال مدينة غزة، ليرتفع عدد شهداء إرهاب الدولة الإسرائيلية خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، إلى ثمانية شهداء بالإضافة إلى أربعة مصابين في غارة مماثلة في مدينة جباليا·وشهدت مدينة غزة صباح أمس، إقدام رتل من دبابات جيش الاحتلال على عملية توغل تم خلالها اعتقال عدد من الفلسطينيين ودهم عدد من المنازل· وأكدت احصائيات لوزارة الصحة الفلسطينية أن 73 فلسطينيا سقطوا شهداء منذ بداية الشهر الجاري في أعنف جنون إسرائيلي فقدت على إثره إدارة الاحتلال صوابها وراحت تقترف الجرائم تلوى الأخرى في حق الأبرياء الفلسطينيين ودون أن تلقى حتى عتابا دوليا على جرائمها· والمفارقة أن التصعيد الإسرائيلي الذي رفع لواءه وزير الدفاع إيهود باراك المعروف عنه مواقفه العنصرية، جاء مباشرة بعد جولة الرئيس الأمريكي إلى فلسطينالمحتلة ودفعت إلى الاعتقاد أن جورج بوش أعطى ضوءً أخضر لإسرائيل لاقتراف هذه الجرائم· وبالموازاة مع حرب الإبادة التي تنفذها قوات الاحتلال بدأ الفلسطينيون في قطاع غزة يدفعون ثمن سياسة العقاب الجماعي الذي سلكته حكومة الاحتلال في التعامل مع الفلسطينيين بعد حرمانهم من مادة الوقود والمواد الغذائية والمساعدات الغذائية بمبرر التضييق على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"· وانعكس قرار إدارة الاحتلال بصفة مباشرة على المستشفيات الفلسطينية وكان لذلك آثار مباشرة على المرضى والمصابين بأمراض مزمنة وكذا الأطفال حديثي العهد الموضوعين في حضانات· وكانت حكومة إيهود أولمرت قررت نهاية الأسبوع الأخير غلق المعابر الفلسطينية ووقف تزويد القطاع بالوقود ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى سكانه ضمن خطة عقاب ذات صلة بالعمليات العسكرية التي شرعت فيها في محاولة لإسكات صوت المقاومة هناك·وأغلقت عشرات محطات البنزين أمام زبائنها بعد أن نفذت كميات الوقود التي حصلت عليها قبل اتخاذ قرار المنع مما جعل السكان في حيرة من أمرهم في ظل الطقس البارد الذي يميز هذه الأيام قطاع غزة· وأمام هذه الوضعية حذر جون جنيغ مسؤول الوكالة الأممية للاجئين في مدينة غزة، أن المحطة الوحيدة لتوليد الطاقة الكهربائية والتي تشتغل بنصف طاقتها ستتوقف عن العمل خلال الساعات القادمة في حال استمر قرار حظر التزويد بالوقود· ورغم مخاطر ذلك فإن المجموعة الدولية ما زالت تلتزم الصمت إزاء كارثة إنسانية بدأت تتضح في الأفق الفلسطيني وحتى المواقف التي صدرت إلى حد الآن على قلتها بقيت باهتة ومحتشمة· وقال الأمين العام الأممي بان كي مون، أنه جد قلق من الانعكاسات الإنسانية لقرار الحصار المفروض على قطع غزة، ولم يضف بان كي مون أكثر من ذلك وقال أن إجراءً كهذا سيحرم المواطنين من التزود بالوقود ومن المواد الغذائية الأساسية· ولم يأت الأمين العام الأممي بأي جديد عندما راح يصف الواقع المأساوي لسكان القطاع حتى في الوقت الذي كانت فيه إدارة الاحتلال تزوده بالوقود وكان عليه أن يستعمل على الأقل لهجة أكثر صرامة باتجاه إدارة الاحتلال· ودعت منظمة المؤتمر الإسلامي من جهتها الأممالمتحدة ومجلس الأمن إلى التحرك لوضع حد للاعتداء الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة·ودعا الأمين العام للمنظمة التركي إكمال الدين احسان أوغلو في بيان أمس، مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتحرك من أجل وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة· واستنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أمس، هذا الحصار وبالغارات الجوية التي تشنها قوات الاحتلال في أكبر عدوان ضد السكان والبنى التحتية الفلسطينية·