التفات الصين إلى إفريقيا اقتصاديا وتجاوب القارة السمراء مع هذه الخطوة كان يجب أن يكون بالكثافة المطلوبة قبل اليوم بالنظر إلى العلاقات الجيدة مع بعض بلدان القارة خاصة وعلى رأسها الجزائر ومع القارة بصفة عامة. فالصين كانت لها مواقف داعمة لكفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي منذ الوهلة الأولى، وهي تملك كل الإمكانيات الاقتصادية والتكنولوجية ما يؤهلها لتتصدر قائمة الدول التي لها علاقات اقتصادية وتجارية مع دول القارة السمراء يكفي أن تحولها إلى شراكة استراتيجية كما هو الحال مع الجزائر لتصبح الشريك الأول لإفريقيا. وإذا كانت العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الاستعمارية السابقة تسبقها حسابات سياسية وايديولوجية وثقافية وتصحبها وتليها في حال ظهور أي مشاكل في هذه العلاقات فإن العلاقات مع الصين تبدو طبيعية خالية من أي حسابات (ظاهرة على الأقل) عدا المصالح المشتركة التي تنبني عليها أية شراكة طبيعية. ولعل اللقاءات التي تنظم دوريا مع القادة الأفارقة ورجال الأعمال من شأنها أن تعزز هذه الشراكة بما يخدم مصالح القارة الافريقية ويعطيها الآليات الكفيلة بتحقيق أهداف التنمية التي سطرتها "النيباد"، وما قمة شرم الشيخ للمنتدى الافريقي-الصيني إلا دليل على أن الصين قد وضعت ثقلها الاقتصادي في قارة مازالت إلى اليوم تختزن ثرواتها الطبيعية وتمتلك إمكانيات بشرية هائلة، استغلت عبر الأزمان لغير صالح القارة ولغير فائدة شعوبها التي مازال الكثير منها يعاني التخلف وما يتبعه من فقر وحرمان وأمراض وكوارث لا تستطيع لها ردا، إلا بهذا النوع من الشراكة البناءة.