يروي السيد مولود حليش، والد رفيق حليش، لاعب الفريق الوطني، في هذا الحوار الذي اجرته معه "المساء"، بعض تفاصيل المغامرة الصعبة التي عاشتها التشكيلة الوطنية في القاهرة التي سافر اليها الأب حليش فور سماعه تعرض حافلة "الخضر" لاعتداء عند خروجها من مطار العاصمة المصرية، حيث استضافتنا عائلة لاعب نادي ماديرا البرتغالي في بيتها وعرجنا في الحديث على الحياة الرياضية للابن... - كيف تلقيتم خبر الاعتداء على "الخضر" في القاهرة؟ * نتأسف لهذا التصرف وندين بشدة ما فعله المصريون كونه صادر من بلد شقيق طالما تحدثنا عن علاقته الأخوية والمتينة مع الجزائر، لأن الفريق الوطني كان ضحية تصرف عنيف وهمجي لا يشرف لا البلد المضيف ولا العرب. لقد توترت أعصاب العائلة كلها عند سماعنا للخبر، لا سيما الوالدة التي سكنها القلق بشكل كبير على المصابين الأربعة، ابنها، صايفي، لموشية ومدرب حراس المرمى، حيث تأثرت من هذا الفعل، لكن سرعان ما طمأنتنا بعض الأخبار على سلامتهم. - لكن أبيتم إلا أن تتنقلوا إلى القاهرة؟ * تألمت كثيرا من هذا الاعتداء الجبان وشعرت بضرورة التنقل إلى مصر من أجل مناصرة المنتخب الوطني، فأنا لست أحسن من المناصرين الذين تواجدوا بعين المكان وواجهوا الصعاب بشجاعة كبيرة، وقلت في قرارة نفسي، أنه يجب علي تقديم دعم معنوي لابني حليش وزملائه ولا بد أن نكون معهم في الصراء والضراء. - كيف عشت الوضع هناك؟ * كانت الأجواء جد مكهربة لأن المناصرين المصريين أصروا على استفزاز فريقنا الوطني ومشجعيه، حيث توالت مواقفهم العدائية قبل واثناء المباراة. رأيت ابني معصب الرأس وقلت هذه مشيئة الله ولم يكن وحده الذي تعرض للضرر. لقد افتخرت كثيرا لانه كان يدافع عن الألوان الوطنية. لم اصدق انتصارهم علينا بالقاهرة ودخلت في غضب كبير، لكن تيقنت أن الآمال لا زالت قائمة أمامنا لتحقيق التأهل وتأكدت فيما بعد أن هذا الانهزام أنقذنا من جحيم كبير، والله وحده أعلم بما كان ينتظرنا. - كيف كانت نفسية رفيق قبل مباراة السودان؟ * وجدته في حالة سيئة للغاية عقب انتهاء مباراة القاهرة، لا سيما و أن المنتخب كان عرضة لاعتداء ثان في طريقه إلى مطار القاهرة، لكن اللاعبين استعادوا معنوياتهم بمجرد وصولهم الى الخرطوم، حيث استقبلوا بحفاوة كبيرة، وأشكر بهذه المناسبة الشعب السوداني الشقيق على حفاوة الاستقبال وحسن تنظيمهم للمباراة الفاصلة التي شاهدتها في الجزائر عند عودتي من مصر، حيث عاش بيتنا أجواء احتفالية كبيرة بعد الانتصار على "الفراعنة"، وكانت برفقتنا فرقة التلفزة الوطنية وزاد من جمال الاحتفال خروج الشعب الجزائري إلى الشارع. لقد ثار أبناؤنا للدماء التي سالت في القاهرة وللإساءات الكلامية التي صدرت من المصريين ومست رموز الشعب الجزائري ودولته بالإنتصار، وأكدنا للجميع أننا لسنا إرهابيين، بل متحضرين وبوسعنا الرد على الخصم بطريقة حضارية وسلمية. الفرحة التي عشناها يوم 18 نوفمبر لا يمكن وصفها في كلمة أو جملة. - يوجد رفيق ضمن المنتخب الوطني، لكنه لم يبرز بشكل خاص سوى ضد المصريين. * ربما الظلم الكبير الذي تعرض به رفقة زملائه هو الذي جعله يثور بطريقته الخاصة فوق أرضية الميدان، حيث جعله يواجه المصريين بقوة كبيرة لم أشاهدها من قبل، وشعر بمسؤولية كبيرة تتطلب منه الدفاع عن المصلحة الوطنية ببسالة شأن شأن زملائه في الفريق الوطني. ابني على عكس ما تروجه بعض الوسائل الأجنبية هو جزائري الأصل، فأنا جزائري ولدت في ولاية تيزي وزو وعشت رفقة أبنائي في العاصمة. لا تتعجبوا، فإن الأم الجزائرية تلد أبطالا لأنها مسالة وراثية ولنا أن نستدل بأبطال ثورتنا التحريرية. لقد اتبع رفيق دربي الرياضي حيث كنت مصارعا في الجيدو وتقلدت منصب مدير فني رياضي في مولودية الجزائر. - كيف وافقت على انتقال ابنك إلى البرتغال وهو الابن الوحيد من بين ست بنات؟ * الأمر كان صعبا للغاية على كل أفراد العائلة، لكن لم نقف في وجهه، حيث قبلنا باختياره للاحتراف، لم ينجح في الدراسة، لكنه صنع مشوارا جيدا في كرة القدم وأصبح له مستقبل زاهر في هذا الميدان ونحن الآن نسانده من اجل تحقيق أحلامه، لكن ينبغي القول أننا لم نكن نتوقع حصوله على مشاركة في المونديال القادم... رفيق معروف بجديته وتفانيه في العمل وكل العائلة فخورة بما حققه لنفسه و للوطن. - كيف يرى السيد مولود حظوظ المنتخب الوطني في نهائيات كأسي العالم وإفريقيا؟ * ليست لدي معارف كبيرة في كرة القدم، لكن العزيمة والشجاعة الموجودتين عند لاعبي "الخضر" و مستواهم الفني الكبير، يجعلني احلم بتحقيق مشوار جيد في المونديال، وهو ما يطمح إليه الشعب الجزائري، و ربما سنفوز بلقب كاس أمم إفريقيا ونتمنى أن يرفرف العلم الجزائري في كل المحافل الدولية. - هل من كلمة أخيرة تختم بها هذا الحوار؟ * أشكر كل من ساهم من قريب أو بعيد في تحقيق نجاح الفريق الوطني، لقد وقفت احتراما وتبجيلا لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لما قام به من أجل "الخضر" ومناصريه، وثقتي كبيرة فيه لكي يواصل هذا الدعم قي المناسبات القادمة.