على الرغم من حالة الهلع والخوف والرعب التي أحدثها وباء أنفلونزا الخنازير بين أفراد المجتمع الجزائري على اختلاف شرائحهم العمرية، والذي دفهم إلى اقتناء مختلف المنظفات كإجراءات احترازية تفاديا للإصابة بالمرض، إلا أن اللجوء إلى اقتناء الأقنعة (الكمامات) ظل محتشما، بل وينظر إلى من يضع قناعا على سبيل الوقاية كمصاب وينبغي تجنبه وعزله، الأمر الذي يضع هذا الأخير في حالة إحراج بل ويشك حتى في نفسه. قامت "المساء" بجولة استطلاعية في شوارع باب الوادي لمعرفة السبب وراء رفض بعض الأشخاص اقتناء الأقنعة رغم أنها تدخل ضمن التدابير الاحتياطية التي تقي من الإصابة بأنفلونزا الخنازير بالأماكن المكتظة أو المغلقة مثل الحافلات، حيث رصدنا لكم هذه الآراء: لا أضعه طالما أنه غير إلزامي كانت البداية مع مجموعة من طالبات الثانوية وهن سعاد.ف، أمال.ب، وإكرام.س اللواتي بمجرد أن طرحنا عليهن السؤال حول القناع كإجراء وقائي أجبن دفعة واحدة بأنهن لا يؤمنّ بوجود هذا المرض، وأنهن لا يقمن بغسل أيديهن في كل وقت، كما أنهن يتصافحن ويتعانقن ولسن خائفات أصلا من المرض، بينما تضيف إكرام.س "لا أخاف ممن يضع القناع مطلقا، لأني متأكدة أنه لو كان الشخص الذي يضع القناع مصابا لما وضعه"، من جهة أخرى تعلق "لا أفكر مطلقا في اقتناء القناع طالما أنه ليس إلزاميا، كما أن أغلب الذين أعرفهم لا يضعونه، وبالتالي لا أستطيع وضعه والتجول به خارجا، لأنه من المؤكد سيسبب لي إحراجا كبيرا، أنا في غنى عنه خاصة وأني اسكن في حي شعبي، حيث تصبح سيرتي على كل لسان". بينما اهتدت السيدة كريمة.ب، موظفة، إلى حيلة مفادها اللجوء إلى وضع القناع ولبس العجار فوقه إذا اضطرت لذلك حتى لا يراه الناس، لأنها تخجل به، حيث قالت إنها خائفة بالفعل من احتمال الإصابة بالمرض، لذا اتبعت كل الإرشادات الصحية التي أوصى بها الأطباء عبر وسائل الإعلام، كغسل اليدين باستمرار واقتناء الجال المعقم، إلا أن وضع القناع لم تفكر فيه مطلقا رغم أنها على يقين أنه إجراء وقائي، ولكن إن حدث واضطرت فإنها تضعه ولكن بشكل خفي. القناع يوحي بتفشي الفيروس حدثتنا السيدة ربيعة.ب وهي سيدة حامل عن تجربتها مع القناع الذي ترددت كثيرا في وضعه قائلة "ألزمني زوجي بضرورة وضع القناع كنوع من الوقاية عند الركوب بالحافلة، خاصة وأن الأطباء أكدوا أن المرأة الحامل تعد من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالفيروس، وهو بالفعل ما قمت به" وتضيف "صممت ذات صباح على وضعه، إذ بمجرد أن جلست بالحافلة وضعت القناع لاسيما وأن النوافذ كانت مغلقة إلا أن ما حدث لي جعلني أشعر بحالة من الخجل والحياء لم اشعر بهما في حياتي، حيث التفت إلي جميع الركاب وعلامات الاستفهام والاستغراب على محياهم، وكأنهم رأوا شخصا قادما من كوكب آخر، ثم تعالت أصوات بعض النسوة قائلة: هل انتشر الوباء؟ في تلك اللحظة راودني شعور بأني الوباء بعينه، وتمنيت لو أن الحافلة تسرع لأنزل منها، كل هذه الأحداث جعلتني أتردد في وضعه مجددا خوفا من تعليقات الناس، وإن حدث ووضعته فينبغي أن لا أنظر إلى أي أحد". نفس الرأي لمسناه عند الآنسة نادية.ب، مهندسة دولة من باب الوادي، والتي قصت لنا حادثة وقعت لفتاة بساحة الشهداء، حيث وضعت القناع وتوجهت إلى المدرسة، فالتف حولها باقي الطلاب والشبان بالشارع وظلوا يعلقون على القناع الذي تضعه، بل اتهمها البعض بالإصابة، الأمر الذي جعلها تتخلى عنه. إذا رأيت شخصا يضع القناع أغير الطريق في الوقت الذي استبعد فيه معظم المستجوبين وضع القناع من باب الخجل أو الخوف من تعليقات الناس، فإن البعض الآخر لجأوا إلى بعض التصرفات التي تثني من عزيمة أي راغب في وقاية نفسه، حيث يحدثنا الشاب ياسين معتوق بائع حقائب نسائية بباب الوادي قائلا "أحاول يوميا إلهاء نفسي حتى لا أفكر في المرض، لأن الجميع يتحدثون عنه بصورة مستمرة، وعن القناع الوقائي أكد أنه باستثناء الأطفال بالمدارس الابتدائية لم ير أي شخص بالغ يضعه إلا شخصا واحدا التقاه صدفةعندما كان متجها نحو مقر عمله، ولشدة خوفه منه غير الطريق حتى لا يمر بجانبه، وعلق قائلا "من يضع القناع يخيفني وأفضل تجنبه، كما أني لا أحب أن أرى أي شخص يضع القناع حتى لا ينتابني شعور بأن الوضع قد تأزم، وبالتالي تزداد مخاوفي". لا أثق إلا باللقاح كإجراء وقائي من جهته السيد سليم قسوم بائع أحذية بباب الوادي تحدث وبكل قناعة عن رأيه في المطهرات والأقنعة وغيرها، ومن أدوات الوقاية التي تروج اليوم حيث قال "حقيقة هذه الإجراءات لديها دورها الوقائي ولكنه نسبي، بل وفي بعض الأحيان نجد هذه المعقمات من دون فائدة، لأن الفرد جزء من المجتمع، وبالتالي قد يلتقط المرض من حيث لا يدري. وبالنسبة للقناع يقول إنه إجراء لا يقنعني مطلقا، فأنا شخصيا أتعامل يوميا مع الزبائن وأبيع في مكان مغلق، ومع هذا لا أضع القناع لأني من جهة مصاب بالربو، وبالتالي لا أستطيع التنفس عند وضعه، وهو أيضا مشكل مطروح بالنسبة للأطفال الرضع الذين لا يتحملون وضعه وبالتالي هو إجراء غير عملي، ومن جهة أخرى لا أثق في أنه يحميني من الإصابة، فقد أضعه مثلا في الحافلة ولكن بعد النزول منها أتوجه للمسجد لأصلي، من المستحيل أن أصلي به والمسجد يعتبر من الأماكن المغلقة التي تعرف إقبال أعداد كبيرة من المصلين خاصة عند صلاة الظهر، لذا فأنا لا أضع ثقتي إلا في اللقاح، لأنه السبيل الوقائي الوحيد من احتمال الإصابة بالفيروس، وسأكون من الأوائل الذين يلقحون به عند الشروع في عملية التلقيح، وعموما لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فإن كتب لنا أن نصاب فلن ينفعنا أي إجراء وقائي حتى وإن كان اللقاح". 19