تبنى حزب جبهة التحرير الوطني مقترحا يقضي بمطالبة البرلمان الجزائري بسن قانون يجرم الاستعمار ويحمي رموز الثورة من أي مساس، وأكد الأمين العام للحزب السيد عبد العزيز بلخادم أول أمس، أن الجزائر لن تتسامح مع الذين أساءوا إليها وإلى مقدساتها بعد مباراة المنتخب الجزائري والمصري برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا. وصادق أعضاء المجلس الوطني للافلان في ختام اشغالهم أول أمس، الخميس، على بيان للسياسة العامة تضمن موقف الحزب من العديد من القضايا الوطنية وفي مقدمتها الملفات المتصلة بالتاريخ وكذا التطورات الأخيرة التي افرزها تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم الى مونديال جنوب إفريقيا المقرر الصائفة القادمة. وتبنى المجلس في دورته العادية المنعقدة بتعاضدية عمال البناء بزرالدة بالضاحية الغربية للعاصمة موقفا حازما إزاء قضية المساس برموز الثورة التحريرية، وفي هذا الشأن طالب البرلمان الجزائري بسن قانون يجرم أي مساس برموز الثورة التحريرية، كما تبنى مقترحا آخر يدعو الى سن نص تشريعي يجرم الاحتلال. وحول دوافع هذا الاقتراح، قال الأمين العام للحزب في ندوة صحفية عقدها أول أمس عقب اختتام أشغال الدورة أن دعوة المجلس لسن قانون يجرم الاحتلال نابع من كون الاستعمار "جريمة ينبغي أن يتم تقنينها"، وأضاف أن حزبه سيدعم أي مبادرة يتم تقديمها الى البرلمان لمعالجة الفراغ الموجود حاليا في النصوص التشريعية الجزائرية مهما كان مصدرها سواء بادر بها الافلان أوأي تشكيلة سياسية أخرى. وفي إطار حديثه عن الجانب التاريخي علق السيد بلخادم بنوع من التهكم على مصادقة البرلمان الفرنسي قبل أيام على قانون لتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وبولينيزيا كون ذلك النص يحتوي على مواد تميز بين التجارب التي تمت في الجزائر وفي المحيط الهادي يأخذ بعين الاعتبار معالجة آثار عشرات التجارب التي تمت بالبلتونيوم واليورانيوم، وقال "أن ملايين الأورو لا يمكن لها أن تعوض الشعب الجزائري عما لحقه من دمار وطمس للهوية طيلة 132 سنة من الاستعمار"، وجدد دعوته لفرنسا الرسمية لتقديم اعتذار رسمي للشعب الجزائري مذكرا إياها بما قاله الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في زيارة قام بها الى تركيا تطرق فيها الى ما يسمى جرائم "تركيا العثمانية في حق الأرمن" حين أشار الى أن "الدولة تكبر عندما تعترف بجرائمها" وطالب الطرف الفرنسي بالأخذ بهذه المقولة مؤكدا أن الجزائر لا تريد الانتقام من باريس من خلال مطالبتها بالاعتذار بل بالعكس فهي متسامحة. ولدى تناوله العلاقات الجزائرية المصرية على ضوء الأحداث التي أعقبت مقابلة منتخبي البلدين لكرة القدم، رفض الأمين العام للافلان الحديث عن أزمة بين الجزائر والقاهرة كون العلاقات بينهما قوية، لكنه تحدث عن تطاول أطراف مصرية على الشعب الجزائري، مؤكدا أن الجزائر كانت تأمل أن تبقى تلك المقابلة في "إطارها الرياضي" غير أن جهات اختارت طريقا آخر، وعليه فان العيب يعود على الذين بادروا بالإساءة. وبعد أن حيا بلخادم بعض المسؤولين والإعلاميين الذين رفضوا الانسياق وراء تلك الحملة ودافعوا عن العلاقات المتميزة بين البلدين، أشار الى أن الجزائر ستقتص من الذين أساءوا إليها وقال "أما بالنسبة للذين أساءوا إلينا فنقول لهم العين بالعين والسن بالسن". وانتقد كذلك وبشدة الأصوات التي بلغت بها الحماقة للقول أن مصر هي من لقنت الجزائر اللغة العربية، وقال بتهكم "أنا لم أدرس إلا في المدارس الجزائرية"، مضيفا أن ما يتحدثون عنه يدخل في إطار "المن" وهو سلوك غير أخلاقي. وكان المجلس الوطني في بيانه الختامي قد ندد بإقدام المحامين المصريين على حرق العلم الوطني، وحيا الفريق الوطني والشعب الجزائري والصحافة الوطنية، ووجه كذلك تحية تقدير الى الشعب السوداني والرئيس عمر حسن البشير. وبخصوص القضية الصحراوية، أكد السيد بلخادم تمسك الجزائر وحزب الأغلبية بدعم كفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال، واعتبر إضراب اميناتو حيدر مثالا للنضال يجعل الشعب الجزائري يجدد موقفه بضرورة العمل على تطبيق اللوائح الأممية في آخر مستعمرة في إفريقيا. سندعم الرئيس بوتفليقة في 2014 ومن جهة أخرى، رد السيد بلخادم على عدة أسئلة تتعلق بالمسائل الداخلية للحزب من بينها منصب رئيس الافلان، موضحا أن السيد عبد العزيز بوتفليقة هو الرئيس الفعلي له بدليل انه تسلم جميع وثائق المؤتمر التي تمت المصادقة عليها من طرف المجلس الوطني، وحول من سيرشح الحزب في الرئاسيات المقررة عام 2014، رد بالإيجاب وقال "ربي يطول في عمرو". وفيما يخص الخلاف الدائر بين أعضاء المجلس حول المنطلقات الفكرية والتوجهات الجديدة للحزب، أوضح السيد بلخادم أن الاجتماع جرى في جو ديمقراطي وعبر كل واحد عن مواقفه بكل حرية غير انه شدد على أن الاقتراحات التي لم تحظ بموافقة غالبية أعضاء المجلس المقدر عددهم 550 عضوا لم تنزل الى القواعد بل يتم الاكتفاء بالنقاط المتفق عليها، مشيرا الى أن القيادي عبد الرزاق بوحارة لا يمثل سوى صوت داخل المجلس. وكان نائب رئيس مجلس الأمة السيد عبد الرزق بوحارة قد انتقد طريقة تسيير الحزب ودعا الى إعادة النظر في بعض المقترحات التي تدعو الى تعزيز صلاحيات الأمين العام، الحد من صلاحيات اللجنة المركزية. وعن الأنباء التي تروج لإمكانية تأجيل تاريخ عقد المؤتمر التاسع، أكد السيد بلخادم أن الحديث عن ذلك سابق لأوانه كون الآجال المحددة هي الثلاثي الأول من السنة القادمة وان جميع التحضيرات تسير في الاتجاه الصحيح بما يسمح التقيد بهذه الآجال. وفي موضوع يتعلق بالتحالف الأخير بين حزبي التجمع الوطني الديمقراطي والعمال تحسبا لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، أوضح أن مثل هذا التحالف لا يخيف الحزب، وان كل التشكيلات السياسية حرة في قراراتها. غير أن الأمين العام للافلان استغرب مثل هذه الخطوة خاصة وأنها تمت بين حزب ينتمي الى التحالف الرئاسي وآخر غير منضوي تحته، مشيرا الى انه سيتم مناقشة الموضوع في إطار قمة التحالف المقبلة. وتوقع في السياق أن يفوز حزبه بأغلبية المقاعد، موضحا أن ما يخيف قيادة الافلان هو تشتت أصوات منتخبيه المحليين وترشح أكثر من اسم.