نظمت جمعية مشعل الشهيد أمس بالتنسيق مع المجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي وقفة عرفان لشهداء ساقية سيد يوسف إحياء للذكرى ال52 للمجازر التي نفذها الاستعمار الفرنسي في حق الشعبين الجزائريوالتونسي بهذه المنطقة الحدودية في 8 فيفري 1958. وقد نشط هذه الوقفة أساتذة جامعيون، وتبعت بشهادات حول النضال والكفاح المشترك ضد الاستعمار، بحضور شخصيات وطنية ودبلوماسية وبرلمانيين وأساتذة ورجال الإعلام وقد أجمع المتدخلون من أساتذة التاريخ والعلوم السياسية على أن مجازر ساقية سيدي يوسف ستظل ملحمة للنضال المغاربي المشترك وعبرة للمصير المشترك، وهو ما أكده أيضا القائم بالأعمال في سفارة تونسبالجزائر السيد حملاوي الذي قال بأن هذه الذكرى ستظل خالدة في تاريخ العلاقات الثنائية بين الشعبين الجزائريوالتونسي وعبرة في النضال المغاربي. وأوضح المتدخلون في هذه الندوة التاريخية أن الهدف من ارتكاب الاستعمار الفرنسي لمجازر ساقية سيدي يوسف كان ضرب مراكز الإسناد الخلفية لجبهة التحرير الوطني وجيشها اللذين اشتد ساعدهما لاسيما بعد انعقاد مؤتمر الصومام سنة 1956 ونقل الثورة إلى داخل التراب الفرنسي من خلال ضرب المصالح الاقتصادية الفرنسية في عقر دارها قبل شهرين من ارتكاب الجيش الفرنسي لمجازر ساقية سيدي يوسف في 08 فيفري 1958. وحسب أستاذ التاريخ الدكتور مديني بشير، فإن ما خططت له فرنسا عاد عليها بالعكس، ولم تحقق النتائج المرجوة من ضرب منطقة آهلة بالسكان في يوم عطلة وسوق بالرغم من سقوط أكثر من 80 شهيدا وقرابة 300 جريح من خلال استعمال 25 طائرة نفذت 18 غارة ضد المدنيين العزل من الشعبين الجزائريوالتونسي. وقد أدت هذه النتائج العكسية الى تورط فرنسا أمام المجتمع الدولي الذي تأكد بأن المجازر ارتكبت في حق المدنيين ومراكز مدنية مثل الهلال الأحمر الجزائري على الرغم من التبريرات الفرنسية التي تذرعت بإسقاط جيش التحرير لطائرة فرنسية في منطقة ملا التونسية وتعرض فيلق فرنسي للإبادة واختطاف بعض أفراده الى داخل التراب التونسي. ومن هذه النتائج أيضا، ذكر المحاضر أن مجازر ساقية سيدي يوسف زادت في تجانس القيادات السياسية بالمغرب الغربي (الحزب الدستوري في تونس، جبهة التحرير الوطني في الجزائر، وحزب الاستقلال في المغرب) وتكللت بانعقاد مؤتمر طنجة الذي دعا الى إنشاء اتحاد مغاربي لشعوب المنطقة، كما شهدت هذه الحقبة التاريخية تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة. كما سمحت هذه المجازر للرئيس التونسي بورقيبة بالضغط على الدول الرئيسية في الحلف الأطلسي بضرورة انسحاب القوات العسكرية الفرنسية المتواجدة بتونس، الأمر الذي أدى الى الاتفاق على تجميعها في قاعدة بنزرت، وفشلت الحكومة الفرنسية في الاستجابة لمطلب العسكريين بالجزائر، لممارسة حملة عسكرية شاملة على التراب التونسي ضد عناصر جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني. كما عززت هذه المجازر قوة الربط بين النضال المغاربي لا سيما بين معركة إسين على الحدود الجزائرية الليبية سنة 1957 ومجازر ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958. كما أشار الأستاذ عامر رخيلة الى هذه النتائج مؤكدا أن هذه المجازر عززت على الصعيد الداخلي اللحمة المغاربية، ولذلك لابد من قراءة التاريخ جيدا، لكي نرى ونقوم مصيرنا كشعب مغاربي لا يمكنه إلا أن يكون متحدا أو موحدا كسوق في صالح المعادلة الدولية، ومن جانبه أشار نائب رئيس مجلس الأمة السيد عبد الرزاق بوحارة الى أن البعد الاستراتيجي الفرنسي من ارتكاب مجازر ساقية سيدي يوسف هو القضاء على مراكز الاسناد الخلفية للثورة، لكنها فشلت في ذلك بدليل اشتداد عود الثورة وانتشار العمليات العسكرية ضد المستعمر عبر كامل التراب الوطني. أما الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي السيد سعيد مقدم، فقد أكد بأن الاتحاد لم يتوقف أبدا عن النشاط لاسيما من حيث بناء المواطنة المغاربية والسعي لبناء سوق مغاربية مشتركة، وذكر في هذا المجال بالطريق السيار بين نواقشط وطرابلس والانتهاء من دراسة بخصوص القطار السريع وتخصيص الميزانية الممكنة لإنجازه. وصرح في هذا السياق، أنه تم استكمال بناء مؤسسات الاتحاد المغاربي يوم 29 ديسمبر 2009 بالمصادقة على إنشاء بنك الأعمال والتجارة الخارجية (مصرف مغاربي) يكون مقره تونس.