عاد جورج ميتشل موفد السلام الأمريكي إلى المنطقة العربية في إطار مساعي إدارته لإنجاح المفاوضات غير المباشرة وفي سياق أحداث لا تبعث على التفاؤل وتنذر بفشل هذه المفاوضات حتى قبل بدئها. وأجرى ميتشل أمس محادثات مع الرئيس محمود عباس تناولت الوضع العام في المنطقة أياما بعد زيارة الرئيس الفلسطيني إلى الولاياتالمتحدة وبعد محادثات مماثلة أجراها مع الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدسالمحتلة. وألقت الأحداث الدموية الأخيرة في المنطقة بظلالها على هذه المحادثات وبدلا من أن تتناول قضايا الوضع النهائي إلا أنها انزاحت من حيث الأهمية لصالح الوضع في قطاع غزة وجعلت الرئيس عباس يؤكد على ضرورة رفع الحصار عن هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية والذي أصبح الشغل الشاغل لكافة الفلسطينيين وبمختلف توجهاتهم وأحزابهم. وقال عباس بعد لقاء مع ميتشل بضرورة رفع كلي للحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ قرابة أربع سنوات على أكثر من 5,1 مليون فلسطيني. وأكد عباس لميتشل على أهمية مواصلة الجهود الأمريكية والدولية من أجل رفع الحصار كليا على قطاع غزة. وذهب الرئيس الفلسطيني إلى حد التأكيد أن أي تقدم في مفاوضات السلام غير المباشرة يبقى مرهونا بضرورة رفع الحصار على قطاع غزة. بعد أن اعتبر أن مواصلة فرضه يعد بمثابة عقاب جماعي لمليون ونصف مليون فلسطيني ودعا حكومة الاحتلال إلى فتح المعابر الستة مع الأراضي الفلسطينية من منطلق أن الاكتفاء بتخفيف الحصار يبقى عديم المعنى ولن يأتي بأي جديد. وجاءت تصريحات المسؤولين الفلسطينيين بعد قرار الحكومة الإسرائيلية الاكتفاء بتخفيف الحصار الذي تضربه على الفلسطينيين بدعوى منع تحول ميناء غزة إلى مرفأ لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى حركة حماس. وتكون حكومة الاحتلال بذلك قد حاولت التحايل على نداءات المجموعة الدولية التي تصر على رفع كلي ونهائي لهذا الحصار الإجرامي وتمكين الفلسطينيين من كل ما يحتاجونه بعد طول حرمان. والواقع أن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ قرارها إلا بعد ضغوط متزايدة عليها ووجدت نفسها في قلب إعصار الانتقادات الدولية الحادة التي طالتها بعد مجزرة أسطول الحرية في عرض المياه الدولية نهاية شهر ماي الماضي. وبعد أن تحايلت على المجموعة الدولية بخصوص قضية لجنة التحقيق الدولية لمعرفة ملابسات اقتراف جريمتها ضد سفينة مرمرة التركية راحت إسرائيل تغير الأنظار عن هذه المسألة باتجاه الحصار الذي تعالت بشأنه أيضا أصوات دولية ومنظمات حقوقية بضرورة إنهاء هذا المأساة.