"أنا وهو وهم" للدكتور محي الدين عميمور شكل صلب الحلقة الفكرية التي احتضنتها أول أمس المكتبة الوطنية الجزائرية ضمن برنامجها لهذا العام، وكان هذا اللقاء فرصة للاقتراب من ذكريات المستشار الاعلامي للرئيسين الأسبقين هواري بومدين والشاذلي بن جديد· المكتبة الوطنية الجزائرية وهي تستضيف الدكتور عميمور أرادت أن تفسح المجال لصاحب كتاب "أنا وهو وهم" ليوضح بعض ماجاء في هذا الكتاب الذي استغرق خط صفحاته السبع مائة، أربع سنوات كاملة، ورصد ماعاشه ورآه وسمعه الدكتور عميمور في الأيام الأخيرة للرئيس الراحل هواري بومدين والسنوات الأولى لحكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد· المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية أمين الزاوي وهو يتحدث عن هذا الكتاب الصادر عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية أشار إلى أن "أنا وهو وهم" يعد كتاب الكواليس، اذ يضم نظرة الكاتب رجل السلطة الى كيفية اتخاذ القرار، تنظير وتنميط وكذا تفتح السلطة في الجزائر منذ سبعينيات القرن الماضي، مضيفا أن هذا المصنف فيه الكثير من الاجتهاد الشخصي، وقراءة خاصة بالدكتور عميمور لكل مؤسسات الدولة، معطيا في نفس السياق رأيه ووجهة نظره على أساس المعاينة وترك المجال لقراءة الأحداث من زوايا مختلفة ومغايرة· الدكتور الزاوي وهو يقدم كتاب الدكتور عميمور، أوضح أيضا بأن عميمور كتب بالرغم من واجب التحفظ، مشيرا الى أن المثقف كان أكبر من رجل السلطة في هذا الكتاب الذي تميّز بالتفاصيل الدقيقة، وقال: "بعد التدقيق وصلت الى نتيجة مفادها أن هذا الكتاب يعد سيناريو لفيلم رائع "داعيا السينمائيين الجزائريين للاستثمار في مثل هذا الكتاب لأن الجزائر بحاجة الى أفلام تتحدث عن شخصيات صنعت التاريخ الجزائري"· ويواصل الزاوي حديثه عن "أنا وهو وهم" بالتوقف عند القلق الذي يحمله الكتاب، قائلا بأن هذا القلق يعكس قلق كاتب المؤلف وهو الذي عاش وعرف المؤامرات على مختلف المستويات فكانت الكتابة هي التي تنقذه ويستنجد بها كمعول وسند· وأضاف "هذا الكتاب فيه متعة القراءة، هو مكتوب بحسّ فنان وشبيه الى حد كبير بروايات جرجي زيدان"· من جهته، أشار الدكتور محي الدين عميمور إلى فكرة الكتابة التي راودته منذ أن استقبل الزعيم الصيني ماو تسي تونغ المجاهدة جميلة بوحيرد وعاتبها على عدم كتابة مذكراتها، وقال عميمور: "هذه الفكرة ظلت في ذهني وحاولت تقديم معلومات·· لايمكن أن أنسى أشياء عشتها دقيقة بدقيقة ··· الكتاب لايتضمن مقالات سبق نشرها وأحسست وأنا أحضّره له لأربع سنوات أنني أسابق ملاك الموت مع نفسي ومع غيري، لم أرد أن أموت وأنا أحتفظ بمعلومات بنفسي"· وعن واجب التحفظ، أكد عميمور أن مرور 25 سنة فترة كافية لتنقص ضغط هذا الواجب، ليستطرد بالتأكيد على أنه لكل أن يناقش ماجاء في "أنا وهو وهم" مثلما يشاء، واختلاف الشهادات لايعني أن هناك من يكذب، موضحا أنه على الاعلام أن يعكس الوقائع الموجودة· وأضاف "كل يقدم حسب مايراه، تفاديت أسلوب الكتابة السرية، رأيت أن أكتب، أنشر ثمّ أفتح باب المناقشة·· فمن يرى الخطأ عليه أن يصحّحه ويناقشه·وانتقد صاحب "لله وللوطن" من يملكون ثروة من المعلومات لكنهم لايكتبون، وأشار عند حديثه عن كتابه "أيام مع الرئيس بومدين" أنه "لايملك اليوم أي يقين أو دليل على أن وفاة الرئيس بومدين كانت طبيعية"، مضيفا أنه استعرض بالتفصيل مرحلة بداية حكم الرئيس الشاذلي بن جديد التي تميّزت بالصعوبة، وختم عميمور مداخلته بالتطرق الى أهم مميزات رئيس الدولة وعددها في نقطتين هما المقدرة على الاختيار بين البدائل وتحليل الأسبقيات·