يحل علينا هذه الأيام شهر نحبه ونقدر قيمته، وينتظره الكثيرون بفارغ الصبر رغم أن البعض قد يتخوفون منه، ليس لأنه مخيف، بل لأن الكثيرين عاجزون عن ضبط سلوكاتهم ومجاهدة أنفسهم، ولايحبون بذل الكثير من الجهود لتحقيق التغير وللسمو بأخلاقهم وقيمهم. شهر رمضان الفضيل، موعد سنوي مع الخير والبركة، مع الاتصال الروحي بالخالق، مع قيم التضامن والتعاون، ومع أشياء أخرى كثيرة جميلة... لكنه للأسف بات موعدا لتجدد نفس المظاهر السلبية التي دأبنا على التطرق إليها كل عام على أمل أن تختفي يوما أو على الأقل تخف حدتها. غير أن الملاحظ أن بعض الجهود المبذولة هنا وهناك، وإصرار الجهات المسؤولة على محاربة ظواهر مثل المضاربة وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وانتشار التجارة الفوضوية، لم تؤت أكلها... كما لم تؤت مختلف المواعظ في المساجد الداعية إلى انتهاج الطريق الصحيح للصوم، من خلال التقيد بعدم التبذير وعدم اللهث وراء ما لذ وطاب، أو''اللهفة'' كما يقال عندنا واتخاذ العبر من السلف الصالح، أي نتيجة تذكر. فالأكيد أن هذا مربوط بذاك، أي أن المظاهر السلبية كالمضاربة والغش وعدم احترام قواعد النظافة، مرتبطة بسلوكيات عموم الناس، فإن أعرض المستهلكون على ماهو غال ومغشوش، لن يجد ''مقتنصو الفرص'' أي مجال للربح السريع. لكن فعلا لايمكن إلا أن نقول ''لمن تقرأ زابورك ياداوود''؟...لاشيء يتغير للأسف... ولا أحد طبعا يصمت عن الشكوى... فمن يشكي لمن؟