مع بدء العد التنازلي لموعد انطلاق مفاوضات السلام المباشرة تحاول إسرائيل الظهور بمظهر الباحث عن السلام من خلال تقديم اقتراحات بزعم إعطاء فاعلية أكثر للعملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهي التي وقفت حجر عثرة طيلة 20 شهرا أمام المساعي الرامية لإحياء هذا المسار. واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إجراء لقاءات وجها لوجه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد بدء المفاوضات المباشرة المقررة الخميس المقبل بواشنطن بمبرر أن عملية سلام من هذا الحجم وبهذه الأهمية تحتاج الى عقد لقاءات على أعلى المستويات. وابلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي كبار مستشاريه أول أمس باقتراحه القاضي بعقد لقاءات نصف شهرية مع عباس وهو الاقتراح الذي نقله إلى الإدارة الأمريكية بدعوى إنجاح المفاوضات والتي يتعين ''أن تتم بين قادة'' وفي ظل أكبر قدر ممكن من التكتم. وبدأ نتانياهو في تشكيل فريقه للتفاوض بحيث سيتولى قيادته مندوب رئيس الوزراء الخاص الى المفاوضات المحامي اسحاق مولشو المكلف منذ عدة أشهر بإجراء اتصالات مع واشنطن تمهيدا لاستئناف المحادثات. ويعتبر مولشر المعتاد على القيام بمهمات حساسة أول مستشاري رئيس الوزراء الذي التقى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 1996 أثناء ترؤس رئيس حزب الليكود الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى. وكشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن هذا الفريق لا يضم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي لن يتوجه حتى الى واشنطن في الثاني من سبتمبر المقبل لحضور أولى اللقاءات المباشرة مع الفلسطينيين. وهو ما يطرح التساؤل عن سبب استبعاد ليبرمان من فريق التفاوض وان كان ذلك على علاقة بعدائه الشديد للفلسطينيين ورفضه للسلام وأكثر من ذلك رفضه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ثم إن اقتراح نتانياهو بعقد لقائين شهريا بينه وبين الرئيس الفلسطيني جاء في نفس يوم تواجد الموفد الأمريكي دونيس روس في القدسالمحتلة في مهمة لحلحلة الخلافات حول قضية الاستيطان قبل موعد الثاني سبتمبر القادم الذي سيؤشر الى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهي مهمة لا تبدو بالسهلة خاصة وان إسرائيل مصرة على مواصلة أنشطتها الاستيطانية بينما هدد الطرف الفلسطيني بإمكانية انسحابه من المفاوضات في حال استمرار الاستيطان. وتدرك الإدارة الأمريكية التي أخذت على عاتقها لعب دور الوسيط في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أن الكرة في ملعب إسرائيل بعدما قدم الفلسطينيون كل التنازلات الممكنة من اجل إطلاق مفاوضات السلام. وهو الأمر الذي جعلها تسارع في إيفاد مبعوثها الى إسرائيل لإقناعها بتمديد قرارها بتجميد جزئي للاستيطان الذي تنتهي مدته في ال26 سبتمبر المقبل وذلك من اجل تهيئة الظروف المناسبة لاستكمال المفاوضات. تزامنا مع ذلك جدد الرئيس الفلسطيني التأكيد على أن نجاح المفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي يعتمد على مدى ''ايجابية'' هذا الأخير مؤكدا أن الجانب الفلسطيني يريد السلام والوصول إليه. وقال عباس في تصريح أدلى به بعد المباحثات التي أجراها مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في صنعاء انه ''إذا وافقت إسرائيل على أن تسير ايجابيا في هذه المفاوضات فأهلا وسهلا ونحن طلاب سلام ونريد أن نصل إليه وإذا لا تريد فلن نخسر شيئا''. وكان الرئيس عباس وصل الى العاصمة اليمنية مساء أول أمس في إطار اتصالات ومشاورات مع الدول العربية قبل توجهه الى واشنطن الأسبوع المقبل للمشاركة في القمة التي دعت إليها واشنطن لانطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.