الجزائر خزان للشخصيات العلمية يمكن ضخها والسقي من معينها حقول الثقافة الوطنية واصلاح ما تسهب منها وتصحر من خلال هذه الوجوه العلمية التي صعدت نخلا باسقا وأثمرت علما يأتي أكله كل حين، ''أعلام من بسكرة'' كتاب صدر مؤخرا للأستاذ فوزي مصمودي عن الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية لولاية تيبازة وبدعم من وزارة الثقافة. ليس هناك فاصل في بسكرة بين جودة العلم وجودة التمور فهي واحة تنبت العلماء مثلما تنب ''دلة نور'' ولكل ثمرها حلاوته، وحين يخطر اسم بسكرة إلا ويخطر اسم عالم أو ولي صالح أو مجاهد عظيم، هي ذي قلعة الزيبان وواحتها قديما وحديثا، ورغم أن الكثير من أعلام هذه المنطقة ما يزال مغمورا في بطون الكتب المخطوطة إلا أن انتاج العلماء ما يزال يطل علينا بأسماء جديدة قديمة وبمصنفات ملأت خزائن الكثير من بيوت العلم والزوايا. هذه الميزة التي تتميز بها منطقة بسكرة هي ما أدت بالباحث الأستاذ فوزي مصمودي إلى تسليط الضوء على بعض المناطق ليكشف لنا عن وجوه علمية كانت تتصدر التاريخ الثقافي والجهادي في المنطقة. كتب الأستاذ مصمودي الكثير من الأبحاث والدراسات وهاهو عمله ''أعلام من بسكرة'' يرى النور لينتخب لنا 12 عالما من المنطقة منهم المعروف ومنهم من يتم اكتشافه كالتحفة النادرة. وكانت الشخصية الأولى التي تصدرت الكتاب شخصية تاريخية تعود الى بداية القرن الرابع الهجري وهي شخصية العلامة أبو القاسم يوسف علي بن جبارة البسكري (403 ه 465 ه 1012م 1072م) توزعت أخبار هذا العلامة في كثير من الكتب إلا أنها شحيحة وقليلة حيث أشار المؤلف الى ذلك بالقول ''ترجم للعلامة أبي القاسم يوسف بن علي بن جبارة العديد من العلماء والمؤرخين إلا أن كتاباتهم حول شخصيته ورحلاته قليلة ولا تتعدى الأسطر''. الشخصية الثانية التي تناولها الكتاب هي شخصية ابراهيم بن الصادق بن الحاج، وقد تناول حياته، دوره في المقاومة معركة مشونش، وركز الكتاب كثيرا على هذه المعركة، ثم تناول أثاره العلمية المخطوطة. الشخصية الثالثة هي شخصية أحد أقطاب الاصلاح الشيخ الطيب العقبي، وكذلك شخصية العالم القتيل علي بن عمارة البرجي، كما تناول شخصية الشهيد عبد الحفيظ جلاب والأديب سعد الدين خمار، والشيخ محمد خير الدين والأديب الشهيد أحمد رضا حوحو، والأديب محمد الصالح رمضان، والشيخ محمد الصادق مراوي، والمحامي سليمان الصيد، والشيخ محمد بن سليمان بكوش. وقد جاء في مقدمة مؤلف الأستاذ فوزي مصمودي قوله: ''قد حاولت في هذا الجزء أن يكون تركيزي على بعض الأعلام الذين كادت الأجيال أن تنساهم وبالتالي يزولون من المخيال الاجتماعي والذاكر ة الوطنية كأنهم لم يكونوا شيئا مذكورا، رغم ما بذلوه من أجل بلادهم في ميدان المقاومة والأدب والفكر والثقافة والصحافة والكشافة والرياضة والمسرح والعمل الاصلاحي والاجتماعي والتربوي''. الكتاب من القطع العادي وهو الجزء الثاني من الشخصيات ويتوزع على207 صفحات. مشفوعا بالصور.