يصل الإثنين القادم الموفد الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس في جولة جديدة إلى المغرب ومخيمات اللاجئين ودول الجوار، الجزائر وموريتانيا في مهمة لبحث مخرج للمأزق الذي آل إليه مسار السلام الخاص بنزاع الصحراء الغربية.وقالت مصادر أممية التي كشفت عن موعد هذه الجولة إن المبعوث الأممي يريد إقناع المغرب وجبهة البوليزاريو بالعودة إلى المفاوضات غير المباشرة الشهر القادم لبحث مختلف النقاط الخلافية وإمكانية التوصل إلى أرضية توافقية تمكن من وضع خطة لإنهاء آخر قضية لتصفية الاستعمار في القارة الإفريقية. ويأمل الدبلوماسي الأمريكي في أن يتمكن هذه المرة من إقناع طرفي النزاع بالعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة على الأقل مع بداية العام القادم الذي تسعى الأممالمتحدة أن تجعل منه سنة لإنهاء النزاع في الصحراء الغربية. وكان آخر لقاء غير رسمي جمع الجانبين برعاية الموفد الأممي بمنتجع مانهاست بالضاحية النيويوركية شهر فيفري الماضي انتهى إلى الفشل وهو الاجتماع الذي راهن عليه كريستوفر روس من أجل تحريك ملفات هذا النزاع المجمدة بعد أن رفض المفاوضون المغاربة كل مسعى لطرح فكرة تقرير المصير كخيار يمكن عرضه على الصحراويين لتقرير مصيرهم تماما كما هو الحال بالنسبة لفكرة الحكم الذاتي التي أرادها الملك المغربي وحاشيته على أنها الخيار الأوحد الذي يعرض على الصحراويين في تعارض مفضوح مع كل اللوائح الأممية التي تقر بهذا المبدأ. ويصر الجانب المغربي التمسك بموقفه الرافض ربحا للوقت في تحد لإرادة المجموعة الدولية التي أكدت عليها الاثنين الماضي خلال اجتماعات اللجنة الرابعة الأممية الخاصة بتصفية الاستعمار التي أكدت على أن النزاع في الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار رغم تلفيقات المخزن المغربي ومسؤوليه على أن فكرة الحكم الذاتي تحظى بتأييد دولي واسع وخاصة القوى الكبرى في أكذوبة خاطها المخزن وصدقها وحده. وكانت الرسالة التي وجهها الموفد الأممي إلى الصحراء إلى الغربية إلى دول أصدقاء الصحراء الغربية الشهر جوان الماضي وتم تسريبها في العاصمة الإسبانية مدريد الشهر الأخير ضمنها خلاصة موقفه من الوضع وطالب صراحة من هذه الدول الضغط على المغرب لإرغامه على قبول خيار الاستفتاء تماما كما قبلت جبهة البوليزاريو بخيار الحكم الذاتي في تنازل واضح من جانبها بهدف إنهاء النزاع. وكان لكشف محتوى هذه الرسالة وقع الصدمة على القصر الملكي المغربي الذي لم يكن يتوقع مثل هذه الخرجة التي أخلطت عليه حساباته وفضح استراتيجية تعامله مع الوضع وهو الذي كان يقول في كل مرة أن روس تقبل الخيار المغربي بصدر رحب وان المفاوضات يجب أن تسير في إطاره وفقط.وقد تأكد مدى تأثير هذه الرسالة على الموقف المغربي من خلال الخطاب الأخير للملك محمد السادس أمام البرلمان المغربي الذي دعا فيه كل المغاربة من مواطنين ومنتخبين وسياسيين الالتفاف حول القضية الأم في إشارة إلى أطروحة ''مغربية الصحراء الغربية'' بعد أن انفضح أمره أمام الرأي العام العالمي. وأكد تشبثه بقضية مصطفى سلمي ولد سيدي مولود الذي فر إلى المغرب وعاد إلى مخيمات اللاجئين قبل أسبوعين وعفت عنه العدالة الصحراوية والتهويل الإعلامي الذي صاحبها انه فقد أية مبررات مقنعة لتأييد مقولة ''الصحراء المغربية''. وقد تمكنت جبهة البوليزاريو من خلط أوراق المغرب وأجهزته الإعلامية المختلفة بعد أن عفت عنه رغم اتهامه بالخيانة وهو الحكم الذي أبطل مفعول حملة مغربية كان مخططا لها ولكنها سقطت في الماء بمجرد صدور حكم القضاء الصحراوي بالعفو عنه.وكانت الرباط تريد استغلال قضية هذا الشخص للترويج لأطروحة الحكم الذاتي وأيضا لاستغلال تصريحاته بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين للتغطية على حقيقة الانتهاكات التي يتعرض لها السكان الصحراويون في المدن الصحراوية المحتلة.وهو الواقع الذي يسعى الموفد الأممي اختراقه لكسر جدار الصمت والوقوف على حقيقة ما يجري وراء جدار العزلة الإعلامية التي فرضتها المغرب على المدن المحتلة وهي الرغبة التي لم تهضمها الرباط وبدأت تضع العراقيل تلو العراقيل لإفشال مهمة روس وإرغامه على رمي المنشفة تماما كما فعل سابقه جيمس بيكر. وهي الحقيقة التي تأكد منها روس من خلال لقاءات العاصمة النمساوية شهر اوت 2009 ونيويورك في فيفري الماضي ولكنه يبدو أكثر إصرارا من بيكر بدليل الزيارة التي سيشرع فيها الإثنين القادم وستكون الزيارة الرابعة في سلسلة تنقلاته إلى المنطقة لتفعيل حركية مسار تسوية النزاع في الصحراء الغربية.