يحاول الفنان حجوج أحمد بن يوسف، تحطيم السكون الثقافي الذي تعاني منه مدينته البرواقية، من خلال استمراره في الإبداع والبحث وعرض جديده ولو كان ذلك بالعاصمة التي لا تزال متنفسه الأول. يصف هذا الفنان أعماله ب ''الفن الجزائري الخالص''، ذلك أن معظم أدواته المستعملة هي نتاج الثقافة الجزائرية الضاربة في عمق التاريخ، فهو مثلا لا يحبذ انجاز رسوماته على مادة القماش ويعتبر ذلك نتاج الثقافة الغربية التي يقدر ابداعها - كما يقول - لكنه لا يحب أن يقلدها لمجرد التقليد. يرسم بن يوسف معظم أشكاله ورموزه وإيحاءاته على أدوات تقليدية جزائرية، منها ''الطاجين''، ''القصعة'' و''الهيدورة''، كما يستعمل في إبداعه ''صحن البرابول'' الذي يشبه ''القصعة'' ليستعرض فيه هواجس الغزو الثقافي والبصري. غالبا ما يستعمل بن يوسف في انجازاته هذه البطل ''قوري''، وهو شخصية تعبر عن الإنسان الجزائري منذ الأزل والى غاية الزمن الحاضر، أي وصولا الى عصر ''البرابول''، فبعدما كان ''قوري'' يأكل الطعام من »القصعة« ها هو اليوم »قوري 21« يأكل الصور والإعلانات من صحن ''البرابول''. يعمل هذا الفنان على استغلال الأسطورة والخرافة المستمدة من تراثنا في أشكال فنية تنطق بالحاضر ومتغيراته، وكذا إعطاء الخصوصية الجزائرية لهذا الفن. زائر بيت هذا الفنان يكتشف مدى اجتهاده وإبداعه من خلال الأعمال المترامية هنا وهناك حتى في غرفة نومه، منها مثلا ''صحون البرابول'' (أو الهوائيات المقعرة) المعلقة تماما كما تعلق في المعارض، وكلها حسب الفنان تقدم رؤى فنية برموز يستغلها في تفاصيل الاشكال والخطوط والألوان. يشتكي حجوج بن يوسف من القحط والفراغ الثقافي الذي تعانيه مدينته البرواقية (المدية)، حيث لا تشجيع على الإبداع ولا مكان للعرض، لذلك فهو غالبا ما يلجأ الى العاصمة التي تبقى متنفسه الوحيد، يقول »المشهد الثقافي بالبرواقية ميت، أزور العاصمة دوما لكي أبقى مندمجا في المسار الثقافي«. من جهة أخرى، عاتب الفنان الصحافة والإعلام عموما، الذي قلما يلتفت الى المواهب الموجودة في الأماكن النائية والتي تبقى مغمورة رغم مواهبها التي تستحق الظهور. لدى حديثه ل''المساء''، أشاد هذا الفنان الكهل بالفرصة التي أعطاها له صالون الخريف في طبعتيه الماضيتين، إضافة الى الطبعة الثالثة التي ستنطلق هذا الخميس، حيث مكنت الجمهور والفنانين من اكتشافه وتشجيعه، لذلك يعتبر المشاركة بمثابة الحصول على شهادة تكوين واحتراف. كما أشاد الفنان بالفرصة الجميلة التي سمحت له بتقديم معرضه الخاص برواق تيفاست بالعاصمة بمناسبة ''ربيع النساء'' ليكون الرجل الوحيد بينهن ويقدم ابداعه بحرية. يبقى أمل هذا الفنان الكادح، أن يصل بفنه الى تأسيس مدرسة فنية خاصة به قد يطلق عليها اسم ''قوري'' على غرار تجربة مدرسة ''لوشام'' التي اعطت للفن عندنا خصوصيته وهويته الجزائرية.