تمثّل مسرحية ''فوضى'' الجزائر في مهرجان المسرح العربي المقرّر تنظيمه في بيروت في العاشر جانفي المقبل ويستمر حتى السادس عشر منه، لتقدّم من خلال رؤية إخراجية ثلاثية الأبعاد التراكمات النفسية والتركيبة البسيكولوجية للمرأة. مسرحية ''فوضى'' من تأليف السوري عبد المنعم عمايري، اقتباس سمير سطوف وإخراج أحمد عقون، تنتمي إلى الطابع التجريدي حيث ''تعالج فكرة وليس شخصية''، وذلك من خلال رؤية إخراجية ثلاثية الأبعاد، بعد أن كانت سداسية، حيث أبقى عقون على أربع شخصيات فقط عوض ست شخصيات، حرّكت في مجملها أحداث النص الأصلي الذي ألفه وأخرجه عبد المنعم عمايري في وقت مضى، وهو عبارة عن نص يكشف تراكمات نفسية ونتاج أوضاع اجتماعية، سببت تناقضات وتقاطعات، أفرزت في آخر المطاف التركيبة البسيكولوجية للمرأة. وتروي المسرحية قصة نساء جمعتهن الظروف تحت سقف واحد، صار فيما بعد ملاذا لهنّ، فالأولى ترمّلت قبل زفافها، والثانية ارتكبت الخطيئة مع ابن قريتها لتحمل منه ثم يهجرها، والثالثة أراد أهلها تزويجها من شيخ أكبر سنا من والدها، والرابعة فقدت والدها الذي أحبته وتعلّقت به كثيرا فأصبحت ترى في كل الرجال والدها''. مسرحية ''فوضى'' تدير مجرياتها كلّ من الممثلة نادية طالبي، سامية مزيان، عديلة بن ديمراد ومنيرة روبحي فيسة، وتصوّر معاناة المرأة وممارسات الرجل تجاهها، في مجتمع لا يحكم إلاّ على المظاهر، بينما تتمحور الحياة حول الصراع بين اللذّة والألم، واختار المخرج رمزين للوجود، الأحمر والأزرق في رمزية لانفتاح المكان على كلّ الاحتمالات، لتبدأ كلّ واحدة منهن في رواية حكايتها مع الزمن، مع الإنسان، مع الرجل خاصة، فترسم النسوة الأربعة المعاناة التي تمزج بين الألم واللذة، لذة الحب واللقاء وألم الهجر والفراق، ورغم أن المحرك الرئيسي للمسرحية هي المرأة، فإن محور الألم يدور حول الرجل، الرجل الأب، العاشق، الزوج والشيخ الذي يطمع في الزواج من فتاة بسن حفيداته. وفي سياق متّصل، يشارك إلى جانب ''فوضى'' في فعاليات مهرجان المسرح العربي، العرضان السوريان ''راجعين'' للمخرج أيمن زيدان عن قصة الجزائري الطاهر وطار ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع''، و''سيليكون'' للممثل والمخرج عبد المنعم عمايري الذي قدّمه أخيرا في دمشق كمشروع تخرج لطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، ومن تونس يشارك عرض ''حقائب'' للمخرج جعفر القاسمي الفائز بجائزة أفضل عرض مسرحي في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الأخير، ومن العراق مسرحية ''كامب'' نص وإخراج العراقي مهند هادي. أمّا من الكويت فيشارك عرض ''تاتانيا'' من تأليف بدر محارب وإخراج عبد العزيز صفر، تضاف إلى ذلك مجموعة عروض من لبنان باعتباره البلد المضيف، ويفتتح المهرجان في قصر اليونسكو وتجري العروض في مسرحي ''بابل'' و''المدينة''. المهرجان تقيمه ''الهيئة العربية للمسرح'' التي أنشئت عام 2007 بمبادرة من الشيخ محمد القاسمي حاكم الشارقة، وهو مهرجان متنقل عقد للمرة الأولى في القاهرة عام ,2008 وكان من المفترض أن يقام العام التالي في تونس، إلاّ أنّه ألغي بسبب عدم تقدّم عروض مناسبة كافية.