تتواصل عروض الطبعة الثانية لمهرجان الجزائر الدولي للمسرح التي تستمر إلى غاية ال 25 أكتوبر الجاري، بعرضين هما ''أمام أسوار المدينة'' ممثلة للمسرح الجهوي لسكيكدة التي تعرض أمسية اليوم ب''قاعة مصطفى كاتب'' بالمسرح الوطني على الساعة السابعة والنصف، و''فوضى'' للمسرح الوطني التي تعرض بقصر الثقافة ''مفدي زكريا'' ابتداء من الساعة الثالثة. وتعتبر مسرحية ''أمام أسوار المدينة'' عرضا احترافيا بامتياز خصوصا أنه يحمل توقيع المخرجة والفنانة ''صونيا'' فيما اقتبسها خالد بوعلي عن نص الكاتب العالمي الشهير ''تنكرد درست'' الذي تحصل على الجائزة الأوروبية للأدب سنة ,2009 وترجمت لعدة لغات وقامت بتمثيلها 200 فرقة مسرحية حول العالم، وتعد الترجمة العربية بالجزائر من طرف بوعلي الثانية بعد المغرب. وجسد الشخصية المحورية في العمل الممثلة ''ليديا'' من مسرح باتنة الجهوي، إلى جانب مجموعة من الممثلين من بينهم ثلاثة شبان هواة من مدينة سكيكدة. ويدور موضوع المسرحية حول شخصية امرأة ثائرة في معركة دائمة ضد سور عال يفصلها عن حريتها وأحلامها وعن حبها في عالم مليء بالحروب.. فهي امرأة تقاوم الظلم والاضطهاد ومستعدة لفعل أي شيء لتتجاوز السور الذي يبعدها عن حبيبها وزوجها الجندي المحارب في قلب ''الصين الإمبريالية'' في النص الأصلي. بينما حاولت صونيا وبوعلي في عملية الاقتباس أن يجعلا من تلك المرأة نموذجا عالميا يمكن أن يتكرر في أي زمان ومكان. وتمضي مشاهد المسرحية عبر لغة تمزج بين ''الفلسفة العميقة'' والبساطة معا، لتصور لعبة درامية، ازدواجية التمثيل وتسلط الضوء على امرأة مستضعفة قررت مواجهة السور المتصلب وأن تلعنه بكل قوة كونه يقف حاجزا بينها وبين الزوج الذي سلبه منها الإمبراطور..وتناضل تلك المرأة بكل حيويتها وأنوثتها ورغبتها في الحياة والحرية وبكل ما أوتيت من فطنة وذكاء؛ من أجل استرجاع ذلك الزوج الذي جند رغم أنفه ليقوم ب''الخدمة العسكرية'' دفاعا عن الأسوار التي تحمي مدينة الإمبراطور الذي يمكث في عليائه وجبروته.. ويصور نص المسرحية الشخصية المحورية على أنها امرأة بكل ما تحمله الكلمة من معاني الرقة والحنان والعذوبة في صراعها المستمر ضد السور.. ذلك الحاجز الأبدي..فهي امرأة بكل بساطتها وبغريزتها وطبيعتها الفياضة والتواقة للحياة، وتواجه غرور الرجل واحتقاره لها عبر العصور وتقف ضد عنفه وهيمنته وجبروته وطموحاته الزائفة في الجاه والمال والسلطة. من ناحية أخرى، يعتبر عرض ''فوضى'' أقل حدة في الهجوم على الرجل عكس ''أسوار المدينة''، بل إنه يدافع عنه ويفضح ''نفاق المرأة وتركيبتها النفسية الغريبة''. وقام بإخراج هذا العمل أحمد العقون، فيما اقتبسها سمير سطوف عن نص الكاتب والفنان السوري عبد المنعم عمايري، وهو عبارة عن نص يكشف تراكمات نفسية ونتاج أوضاع اجتماعية أوجدت تناقضات وتقاطعات أفرزت في آخر المطاف التركيبة النفسية الغريبة للمرأة، وذلك من خلال قصة نساء جمعتهن الظروف تحت سقف واحد صار فيما بعد ملاذا لهن، فالأولى ترملت قبل زفافها والثانية ارتكبت ''الخطيئة'' مع ابن قريتها لتحمل منه ثم يهجرها، والثالثة أراد أهلها تزويجها من شيخ أكبر سنا من والدها؛ والرابعة فقدت والدها الذي أحبته وتعلقت به كثيرا فأصبحت ترى في كل الرجال ذلك الوالد.