لم يستبعد وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس في تصريحات أدلى بها بمجلس الأمة تنظيم استعراض عسكري ضخم بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، وأعلن بأن الحكومة تأخذ على محمل الجد موضوع التحضير لهذه الاحتفالات التي تريدها أن تكون في مستوى الحدث. وأكد السيد محمد الشريف عباس في حديثه عن الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها للتحضير الجيد للاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاستقلال الجزائر أن هذا الأمر مدرج ضمن عمل الجهاز التنفيذي ويحظى بالاهتمام البالغ من طرفه بالنظر إلى رمزيته والحاجة إلى تمجيد التاريخ البطولي للثورة التحريرية ونقله للأجيال الصاعدة. وفي رده على سؤال حول ما ستقوم به الحكومة لتحضير هذه الذكرى وتنظيم احتفالات في مستوى الحدث قال ''أتعتقدون أن الحكومة غافلة عن هذا الأمر؟، هي لم تتأخر في السابق عن التحضير لمثل هذه المحطات التاريخية المهمة في حياة الجزائريين''، مؤكدا أن الجهاز التنفيذي واع كل الوعي بضرورة التحضير اللائق لتلك الاحتفالات وهو ما جعله يشرع منذ الآن في الإعداد له رغم أننا تفصلنا عنها قرابة عامين. وجاءت توضيحات وزير المجاهدين أول أمس بمجلس الأمة على هامش مناقشة بيان السياسة العامة في سياق تزايد ضغط الطبقة السياسية على الحكومة من أجل التحضير الجيد للاحتفالات بالذكرى الخمسين لاستعادة السيادة الوطنية من الاستعمار الفرنسي، حيث طالبت المجاهدة ونائب رئيس مجلس الأمة السيدة زهرة ظريف بيطاط في تدخلها أثناء المناقشة الحكومية بضرورة الاهتمام بالتاريخ ومنح اهتمام خاص للاحتفالات المخلدة لمرور نصف قرن على استقلال الجزائر، وطالبت بإنشاء لجنة وطنية على أعلى مستوى تخصص لها كل الإمكانيات الضرورية وتتشكل من وزراء وبرلمانيين ومجاهدين وخبراء، توكل لها مهمة التحضير الجيد لهذه الذكرى لكي يحتفل بها كل الشعب الجزائري بافتخار، بعيدا عن أي تأثير من قبل المستعمر القديم الذي بادر بتشكيل لجنة مكلفة بالاحتفال بالذكرى بدوره. وهذا الموقف بدأ يتبلور لدى الطبقة السياسية وبالدرجة الأولى لدى أحزاب التحالف الرئاسي التي شكلت لجنة وطنية تضم إطارات التشكيلات الثلاث لتحضير الاحتفالات بذكرى عيد النصر المصادفة ل19 مارس 2011 وقررت قيادة التحالف الاحتفاظ بأشغال اللجنة مفتوحة لتحضير الاحتفالات بالذكرى ال50 للاستقلال. وأكد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم الرئيس الحالي للتحالف أن التشكيلات الثلاث تريد أن تجعل من هذه الاحتفالات حدثا وطنيا بارزا. وأوضح أن اهتمام الجزائريين بهذه الذكرى سيكون الرد الأمثل على خطوة فرنسية ترمي إلى تخليد ذكرى خروجها من مستعمرتها السابقة، وأكد أن الجزائر أولى بأن تحتفل بانتصارها وليس فرنسا. وأمام إصرار الرأي العام الوطني وخاصة الممثلين بالمجالس الوطنية المنتخبة على جعل تلك الاحتفالات متميزة مقارنة بالسنوات الماضية، أكد وزير المجاهدين أن الحكومة شرعت فعلا في التحضير لهذا الحدث لجعله متميزا وأن الاحتفالات ستكون ضخمة جدا. وحول إمكانية تنظيم استعراض عسكري لإعطاء رمزية أكبر لهذه الذكرى وتمكين المواطنين من اكتشاف قوة جيشهم قال الوزير''نعم قد ننظم استعراضا عسكريا بالمناسبة ونحن نفكر بجدية في الموضوع... وقد نجسد الفكرة على أرض الواقع''. ويذكر أن الجزائر لم تشهد استعراضا عسكريا بمناسبة الاحتفال بالأعياد الوطنية منذ سنة .1984 وكان من المنتظر أن يتم تنظيم استعراض عسكري ضخم قبل ست سنوات وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاندلاع حرب التحرير في الفاتح نوفمبر .2004 وجاء الإلغاء بقرار من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطاب هو الأول من نوعه أدلى به بمقر المجلس الشعبي الوطني. وقال الرئيس يومها خلال إعلان قرار الإلغاء أنه اتخذ هذه الخطوة ''حتى لا يقول هؤلاء وهؤلاء إن الجزائريين يصبون الزيت على النار'' في إشارة إلى المغرب الشقيق الذي راح في تلك الفترة يوجه عدة اتهامات للجزائر على خلفية فشله في فرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية بعد توسع رقعة المساندين لنضال الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال. وأضاف الرئيس بوتفليقة في خطابه ''كانوا يتمنون (الشعب الجزائري) أن يروا رجال الجيش الوطني الشعبي في استعراض عسكري، فالذكرى عزيزة علينا''. وللإشارة فإن ظاهرة الاستعراضات العسكرية تشكل عادة مناسبة لخلق جسر تواصل بين المواطنين وقوات الجيش. ويحظى موضوع إقامة استعراض عسكري بالجزائر بمناسبة مرور نصف قرن على استقلال الجزائر بتأييد واسع من مجمل الرأي العام الوطني لما لذلك من رمزية قوية، ونظرا للأثر الذي يتركه في نفوس المواطنين خاصة وأنه يغرس أكثر حب الوطن في قلوب الشباب.