انطلق أول أمس، بقصر الثقافة، تصوير فيلم ''حراة بلوز'' لمخرجه الكبير موسى حداد ليكون هذا الإنتاج هو الأول من حيث مدة العرض وقوة الإمكانيات، يتحدث عن ظاهرة الهجرة السرية في الجزائر. يسعى المخرج إلى تعرية واقع هذه الظاهرة دون مزايدات مع الاعتماد على الأساليب الجمالية الراقية رغم قسوة الموضوع، تماما كما كان الحال مع فيلمه الأخير ''مايد إن'' كما يتم الاعتماد أيضا على الإثارة والحركة باعتبار أن الفيلم موجه في المقام الأول لجمهور الشباب. المخرج حداد مقتنع بضرورة تقديم السينما الشبابية بالطرق المعروفة التي اشتهرت بها السينما الأمريكية، هذه الأخيرة التي تعتبر الأكثر تأثيرا في شباب الجزائر والعالم ككل، وبالتالي يجب محاكاتها في صناعة مثل هذه الأفلام حتى يسهل تمرير رسالة الفيلم بسلاسة ودون خطابيه مباشرة. يعتبر المخرج أن فيلمه الجديد سيخرج من إطار المحلية الضيقة التي يرفضها الشباب ليكتسي صبغة عالمية متميزة خاصة من حيث إيقاع الأحداث (أكشن). للإشارة فإن ''حراة بلوز'' نال موافقة التصوير مؤخرا من وزارة الثقافة ويتطلع مخرجه إلى أن يعجب الشباب أكثر من رغبته في أن يحصد جوائز المهرجانات. ''حراة بلوز'' من تأليف المخرج وزوجته السيدة أمينة وهو معبأ بالأحداث المتلاحقة بوتيرة سريعة عبر ساعة و45 دقيقة من العرض. الفيلم لا يكتفي بعرض ظاهرة ''الحرة'' بل يحاول الغوص في مسبباتها خاصة على الصعيد الاجتماعي وتتمحور قصته حول شاب عاش القهر الاجتماعي وإغراءات بارونات المخدرات إلا أن المخرج يعطي هذا الشاب فسحة من الأمل من خلال قصة حب رومانسية شكلت الهدوء الذي يكسر ضوضاء الأحداث العنيفة في الفيلم. تدور أحداث الفيلم في العديد من المدن كالعاصمة، وهران، عنابة وغيرها وصولا إلى قارب الموت الذي يحاول الشاب ركوبه من وهران للتوجه إلى إسبانيا. تشارك في الفيلم العديد من الوجوه المعروفة منها محمد عجايمي، حسان بن زراري، أرسلان، أحمد بن عيسى، بهية راشدي وقاسي تيزي وزو إضافة إلى بعض الوجوه الجديدة، علما أن الفيلم من إنتاج ''أم أش بي موسى حداد للإنتاج''. يرى المخرج أن علاج هذه الظاهرة لن يتأتى بالنصائح والمواعظ والتنظير الفارغ بل يكون بدراسة عميقة للظاهرة سواء من الجانب النفسي أو الاجتماعي، كما أن للسينما دورها الفعال في طرح هذا الواقع المر وأيضا في مساعدة الجهات المسؤولة على إيجاد الحلول المناسبة، مع الإشارة إلى ضرورة تدعيم مثل هذه الأعمال السينمائية وأيضا عدم التضييق عليها. للتذكير فإن موسى حداد يعتبر من رواد الصناعة السينمائية في الجزائر بعد الاستقلال وقد ارتبط اسمه برائعتي ''رحلة المفتش الطاهر'' عام 1972 و''أبناء نوفمبر'' سنة .1975 هو من مواليد 1937 وشارك تقنيا في العديد من الروائع السينمائية ابتداء من فيلم ''معركة الجزائر'' سنة .1965 اتجه حداد إلى سينما الشباب منذ أواخر الثمانينات بفيلم ''لحن الوفاء'' وهو فيلم غنائي لاقى النجاح. على العموم يبقى فيلم ''حرة بلوز'' أول فيلم طويل يعالج الظاهرة بعد أول فيلم قصير خصص لها في ''حلم لا يتحقق'' لحسن تواتي.