كشفت الإحصائيات المقدمة من طرف منظمة الأممالمتحدة للصحة أن معدلات الإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة ارتفع بنسبة كبيرة بالنسبة لفئة النساء بالمقارنة مع فئة الرجال، الأمر الذي دفع بمنظمة الصحة إلى دق ناقوس الخطر من خلال العمل على تنبيه الدولة بمؤسساتها الاستشفائية ومجتمعها المدني لتكثيف نشاطاتها لمواجهة هذا الداء العالمي والعمل على الحد من انتشاره. ومن أجل تفعيل سياسة التكفل بالنساء المصابات بداء السيدا، وتحت شعار ''النساء أكثر عرضة للإصابة بفيروس السيدا... لنعمل على التغيير''، برمجت جمعية الحياة بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للصحة مؤخرا، يوما دراسيا يهدف إلى تعزيز التكفل الجيّد بالنساء المصابات بفيروس السيدا وتسليط الضوء على كيفية حماية المرأة الحامل المصابة حتى لا يصاب جنينها، لاسيما وأن أغلب الحالات التي تم اكتشافها بالجزائر كانت لنساء حوامل حاملات لهذا الفيروس. وفي هذا السياق، قالت السيدة حياة لحلول رئيسة جمعية الحياة للأشخاص المصابين بمرض الإيدز ل''المساء'' رغبنا من خلال هذا اليوم الدراسي أن نرّكز على المرأة، لأنها أكثر عرضة للإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة بحكم أن الجانب الفيزيولوجي والنفسي وكذا العوامل الاجتماعية والعادات والتقاليد، أسهمت في تأنيث السيدا وجعلت معدلات الإصابة به في صفوف النساء أكبر من فئة الرجال''. وأضافت المتحدثة: ''بعدما سجلنا تعادلا في الإصابات بين الجنسين في آخر إحصائية لسنة 2009 أي بمعدل 50 بالمئة لكلا الطرفين، ارتفعت معدلات الإصابة في فئة النساء بمعدل 60 بالمئة، وهو الأمر الذي يتطلب التدخل السريع من أجل توعية المرأة والفتاة وتحسيسها بأهمية القيام بالكشوف الصحية وبإطلاعها على طرق الحماية لتجنب الإصابة''. من جهتها شرحت السيدة فاطمة الزهراء عيسات، وهي طبيبة مختصة في الأمراض المعدية في حديثها مع ''المساء'' الأسباب التي جعلت معدلات الإصابة بفيروس السيدا ترتفع عند النساء بالمقارنة مع الرجال، حيث قالت ''من خلال الاطلاع على تقرير منظمة الأممالمتحدة للصحة الذي كشف عن الارتفاع الكبير في عدد المصابات بفيروس السيدا لدى فئة النساء، قمنا بالعديد من الأبحاث لمعرفة الأسباب''. وتضيف عيسات: ''وتبين لنا أن طبيعة المرأة البيولوجية تلعب دورا كبيرا في تسهيل إصابتها بفيروس السيدا في ظل غياب التوعية وسبل الحماية، ولعل من أهم الأسباب، احتواء السائل المنوي للرجال المصابين على كمية كبيرة من فيروسات السيدا، مما يجعل انتقال العدوى أمرا سهلا، إلى جانب أن تركيبة الجهاز التناسلي عند المرأة تساهم أيضا في تسهيل انتقال العدوى في ظل غياب أجهزة الوقاية عند الشروع في العلاقات الجنسية، ما يجعل المرأة معرضة عند أول علاقة جنسية للإصابة، فيما يكون احتمال الإصابة عند الرجل مع امرأة مصابة بعد ثالث أو رابع علاقة جنسية''. وتستطرد عيسات قائلة ''ما تغفل عنه أيضا أغلب النساء سواء كانت العلاقة الجنسية في إطارها الشرعي أو خارجه أن ممارسة العلاقة الحميمة بعنف تتسبب في إحداث بعض التمزقات لدى المرأة، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بفيروس السيدا، وهنا تظهر أهمية أن تتم توعية الرجل أيضا للمساهمة في حماية المرأة من التعرض لخطر الإصابة بالسيدا، بالمقابل، وما شاع في الآونة الأخيرة في فئة الفتيات والذي أسهم في الرفع من عدد المصابات بفيروس فقدان المناعة المكتسبة لدى فئة النساء، هو إقبالهن على علاقات جنسية (من الدبر) حتى يظل غشاء البكارة سليما، وهو ما زاد الطين بلة، لهذا ينبغي توعية المرأة وتحسيسها بخطورة الداء وإقناعها بأهمية أن تكون محمية عند الشروع في أية علاقة جنسية''.
المجتمع المدني مدعو لتكثيف الجهود بغية حماية المرأة والفتاة: بالمقابل، قدم السيد عادل زدام، وهو منسق وطني لبرنامج الأممالمتحدة لمكافحة السيدا، مداخلة، في هذا اليوم الدراسي، سلط من خلالها الضوء على أهمية دعم مؤسسات الدولة، كالمستشفيات وكذا المجتمع المدني لمواجهة داء السيدا اتجاه النساء والفتيات حيث قال على هامش اليوم الدراسي ل''المساء'' لا يخفى عليكم أن السيدا هو داء عالمي لا يخص بلدا معينا، ولهذا تسعى منظمة الأممالمتحدة للصحة لأن تدعم الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة السيدا في مختلف دول العالم، بما في ذلك الجزائر ومن أجل هذا تم تسطير البرامج للمساهمة في الحد من انتشار السيدا''. ويضيف زدام: ''يتمثل عمل المنظمة تحديدا في دعم الأنشطة الوقائية الموّجهة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة ووضع ميكانيزمات للمتابعة والتقييم والعمل على دعم المجتمع المدني لمواصلة العمل في مجال التحسيس والتوعية''، وحول التركيز على المرأة وسبل حمايتها من داء السيدا أكد ذات المتحدث أن مرض السيدا ظهر منذ قرابة 30 سنة، وارتبط إلى وقت قريب بالرجال، ولكن مع مرور الوقت تأنث السيدا بعد ارتفاع معدلات الإصابة في صفوف النساء نتيجة ضعف إمكانياتهن البيولوجية في مكافحة المرض وجهلهن لسبل الوقاية''. وفي هذا السياق يؤكد زدام أنه أثبت في الجزائر، أن أغلب المصابات بالسيدا كان ناتجا عن زواج شرعي، في حين اكتشفت أخريات أنهن مصابات بفيروس السيدا لدى خضوعهن لبعض الفحوص أثناء فترة الحمل، مشيرا إلى أنه في مستشفى القطار أحصي مؤخرا قرابة 31 امرأة حاملا مصابة بفيروس السيدا. ولأن مشاركة المجتمع المدني ضرورية في مثل هذه الأيام الدراسية اقتربت ''المساء ''من رئيس جمعية ''أدز الجزائر'' عثمان بوروبة وسألته عن سبل حماية المرأة والفتاة من خطر الإصابة بفيروس السيدا فقال ''اتضح في الآونة الأخيرة بحكم الإحصائيات المقدمة من منظمة الأممالمتحدة للصحة، أن معدلات الإصابة بفيروس السيدا ارتفع في صفوف النساء مقارنة بالرجال، وأرجع المختصون السبب إلى تركيبة المرأة البيولوجية وقابليتها لالتقاط المرض بصورة سهلة الأمر الذي يستدعي ضرورة التكفل الصحي الجاد بالمرأة''. ويستأنف بوروبة: ''لذا نعتبر نحن كجمعية، المرأة مسؤولة أولا عن حالتها الصحية وندعوها إلى ضرورة التحليل وأخذ سبل الحماية ونطلب من الرجل أيضا أخذ كافة مسؤولياته اتجاه ما قد يصيب المرأة، وفي هذا السياق نحاول من خلال هذه الأيام الدراسة أن نحفز كل رواد الجمعيات من أجل أن يضاعفوا جهودهم المبذولة للتكفل بداء السيدا''. من جهة أخرى يضيف المتحدث قائلا ''تعمل اليوم جمعية ايدز الجزائر على مشروعين الأول تم الشروع فيه ويتمثل في إطلاق قافلتين تحسيسيتين في كل من وهران وسيدي بالعباس، حيث استهدفنا النساء الأكثر عرضة للإصابة بالسيدا، بينما يتمثل المشروع الثاني والذي هو قيد الدراسة في تعميم التوعية والتحسيس من داء السيدا على مستوى المؤسسات العقابية''. وشاركت أيضا جمعية المرأة في اتصال في هذا اليوم الدراسي حول السيدا، وفي هذا السياق اقتربنا من رئيستها السيدة نفيسة لحرش التي قالت ل''المساء'' إن المرأة في المجتمع الجزائري لا تزال تعاني في صمت، وما زاد من معاناتها تعرضها للإصابة بداء السيدا في إطار الزواج الشرعي، إذ تستقبل المرض وهي ماكثة في بيتها ولا يتم التكفل بها، بل يجري تهميشها ولهذا أنشأنا قناة عبر شبكة الأنترنت لتوعية المرأة، علاوة على قيامنا بالعديد من الحملات التحسيسية لدى فئة النساء، آخرها إرسالنا لقافلتين في كل من وهران وأدرار لهذا الغرض، حيث شهدنا إقبالا كبيرا من النساء بحثا عن الاستشارة وطلبا للنصيحة''.