ظاهرة التشخيص الطبي الخاطئ، تتكرر للأسف عبر الكثير من مستشفياتنا، ويتعرض لها عدد لا باس به من المرضى، من طرف بعض الأطباء، وحتى نكون موضوعيين، فإن المسؤولية لا يتحملها الطبيب الذي قام بالتشخيص الخاطئ فحسب، وإنما يتحمَّلها المريض والطبيب على حد سواء، لأن المريض قد يكون مخطئاً في شرح حالته والأعراض التي يعاني منها بدقة، تمكِّن الطبيب من تشخيص الحالة بالضبط، كما يمكن أن يخفي المريض على الطبيب بعض الحقائق التي من المفترض أن يصارحه بها كلها، من باب الخوف أو الخجل أو النسيان، وغيرها من الأسباب الأخرى، وهو ما يجعل الطبيب عاجزا عن معرفة الحالة بالضبط، خاصة إن كان الأمر يتعلق بطبيب قليل الخبرة والكفاءة في مجاله، هذا ناهيك عن بعض التحاليل الطبية التي يتم إجراؤها في المختبرات الخاصة بهذا الشأن، والتي قد تأتي النتائج فيها خاطئة من البداية نتيجة عوامل متعددة، على مستوى المخبر أو العاملين فيه، وعندما لا يطالب الطبيب في حال انتباه الشك بإعادتها ويبني تشخيصه عليها فإننا نكون هنالك أمام تشخيص طبي خاطئ يؤدي بدوره إلى علاج خاطئ، وأخطاء طبية فادحة، قد يدفع المريض حياته ثمنا لها. في هذا الإطار، تقول إحدى المواطنات على مستوى مصطفى باشا الجامعي، أنها أصيبت بصدمة حقيقية، كادت أن تفقدها صوابها، لما ابلغها احد الأطباء على مستوى مصلحة طب واستعجالات العظام أنها قد تكون مصابة بالسرطان، بعد أن كانت تشكو من آلام على مستوى الرجل جعلتها غير قادرة على المشي إلا بصعوبة كبيرة، وهذا دون أن يطلب منها القيام بأية تحاليل، ثم طلب من مساعدته القيام بتجبير رجلها رغم أنها لا تعاني من أي التواء أو كسر، وعندما سألته عن ذلك، اخبرها انه بسبب وجود كسر قديم على مستوى رجلها، وقيامها بحركة خاطئة، فان ذلك تسبب في التواء رجلها، رغم إن السيدة أكدت أنها لم تقم بأية حركة خاطئة، ومع ذلك فقد أكد لها أن صور الأشعة تثبت حاجتها لعملية تجبير، ولم تملك المرأة التي دخلت المصلحة برجل سليمة وخرجت منها برجل مجبرة إلا التوجه مباشرة إلى إحدى العيادات الخاصة حاملة كافة صور أشعتها شارحة للطبيب ما تعاني منه، وخبر إصابتها بالسرطان الذي ابلغها إياه الطبيب الأول، ليتبين لهذا الطبيب أن التشخيص برمته خاطئ، وقام بنزع تلك الجبيرة عن قدمها، وإعطائها علاجا آخر مغايرا تماما، قالت أنها شعرت بتحسن كبير بعده، والاهم بتحسن نفسي اكبر في المقام الأول. وإذا كانت هذه السيدة قد نجت في اللحظات الأخيرة، فإن سيدة أخرى تروي لنا ما حدث مع شقيقتها التي توفيت قبل سنوات وكانت حاملا على وشك الولادة، عندما انتابتها آلام شديدة على مستوى البطن اعتقدوا أنها آلام المخاض، فحملوها إلى المستشفى، وهناك اعتقد الأطباء أيضا أنها ستضع مولودها فادخلوها غرفة العلميات حيث وضعت بنات ولكنها فارقت الحياة، ليتبين أن سبب تلك الآلام كان الزائدة الدودية التي تسببت في وفاتها بعد الولادة. وتروي مواطنة أخرى، حالة إحدى قريباتها التي لازالت تعالج إلى اليوم بإحدى العيادات التجميلية الخاصة بتونس، التي تقوم بعمليات تجميل لوجْهها الذي تشوِّه كلية نتيجة العلاج الكيميائي الذي تعرضت له بعد أن تم تشخيص إصابتها بالسرطان، عندما اشتكت من آلام فظيعة على مستوى الفك، بسبب إحدى أضراسها، ثم تبين بعد رحلة العلاج الكيميائي انه لا علاقة للأمر بتاتا بالسرطان، ولكن بعد فوات الأوان، لتبدأ رحلة أخرى للعلاج من الآثار الفظيعة التي حفرت على وجهها. وبين هذا وذاك، وبين المسؤولية التي قد يتحملها الطبيب وحده أو المريض وحده، أو كلاهما معا، ينبغي التأكيد على ضرورة أن يقوم المريض بتقديم شرح كامل وواف عن حالته بالشكل الصحيح لكي يتسنى للطبيب جمع المعلومات التي يكون منها استنتاجاته ويبني عليها وصفه للعلاج المناسب.