''السيجارة الطريق الأكيد للانتحار''.. ''لا للسيجارة الأولى''، هي من ضمن شعارات الحملة التحسيسية التي نظمتها جمعية مساعدة مرضى السرطان ''البدر'' بالتعاون مع الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية أمس للمرة الرابعة على التوالي في بعض محطات القطار التابعة للعاصمة، البليدة، وهران وسطيف، للفت انتباه المواطنين إلى حقيقة أن التدخين يقتل 15 ألف جزائري سنويا. وبمحطة آغا بالجزائر العاصمة، تم منذ الصباح عرض أفلام فيديو وتوزيع مطويات متعددة على مستعملي القطار، تروج لفكرة ''لا للسيجارة الأولى'' كما توضح بالتفصيل مختلف الأضرار الصحية لهذه الأخيرة، والتي تستهدف المدخن وغير المدخن في آن واحد. وعن المبادرة التي دامت ليوم تحت إشراف فريق من الأطباء، أوضح رئيس جمعية ''البدر'' الدكتور مصطفى موساوي أن التحسيس حول مخاطر التدخين في الميدان كثيرا ما ينجح في إقناع بعض المدخنين على الفور للإقلاع عن ارتشاف السيجارة، ذلك أن العمل وفق تقنية ''انتقلوا إليه'' من أنجع السبل لإحراز نتائج ملموسة في الواقع، لاسيما وأن العديد من المدخنين محاطون بإغراءات أصحاب الشركات المنتجة للتبغ، والذين يتخذون من الدول المتخلفة مجالا خصبا للاستثمار، بعيدا عن دولهم المتقدمة. وبحسب الدكتور، فإن الحملة التحسيسية تستهدف بالدرجة الأولى أطفال المدارس الذين غالبا ما يكتسبون عادة التدخين من المحيط الاجتماعي القريب، على غرار المعلم الذي يدخن أمام تلاميذه أو الوالد الذي يرسل ابنه أو ابنته لشراء علبة السيجارة، دون التفكير في عواقب هذا السلوك.. والملاحظ عموما في إطار هذه الظاهرة هو أن الوعي بأضرار السيجارة لا ينقص الكثيرين، بدليل أن بعض الأطباء يقبلون على التدخين أيضا، مما يطرح التساؤل عن سبب التمسك بهذه الآفة الفتاكة.. وفي هذا الصدد تأتي إجابة الدكتور موساوي لتكشف أن التدخين بصفة روتينية يحول العديد من الأشخاص إلى عبيد للسيجارة التي لا يمكن الابتعاد عنها بدون الإرادة، لافتا إلى أن بعض المواطنين ممن تستقطبهم حملات التحسيس يتغير مجرى تفكيرهم، ويتخذون القرار بالتوقف عن التدخين عندما يجدون أنفسهم في مواجهة مع جملة الأسئلة التي نطرحها عليهم عادة على غرار: كم تدخن في اليوم من سيجارة؟ وكم يكلفك ذلك؟..علما أن رمضان عادة ما يكون الفرصة المناسبة للكثيرين لتنفيذ عهد الإقلاع عن التدخين. وعن الأضرار الصحية للسيجارة، ذكر الطبيب المتحدث ل ''المساء'' أنه من بين كل 10 حالات سرطان الرئة،9 يسببها التدخين، حيث أن سرطان الرئة يأتي في مقدمة الأمراض العديدة التي تتسبب فيها السيجارة، والتي تستهدف الجسم البشري من الرأس إلى أخمص القدمين. وبعين المكان سجلت ''المساء'' توافد بعض المواطنين، ممن يبحثون عن إجابات شافية لتساؤلاتهم، من ضمنهم سيدة، تدرس في احدى ابتدائيات ثنية، استقطبتها احدى الملصقات المعروضة..سألناها عن سبب اهتمامها بالحصول عليها فجاء على لسانها:''أريد أن ألصقها في المنزل عساها تفلح في إقناع ابني على التخلي عن السيجارة''. ''حاولت مرارا إقناع ابني الذي يبلغ 20 عاما على الإقلاع عن التدخين، لكن دون جدوى..الفراغ الذي يحاصره بعد انتهائه من التكوين، يدفعه للاستئناس بالسيجارة، على أمل أن يتخلى عنها عندما تستقر أوضاعه، إلا أنني أريده أن يبتعد عنها اليوم قبل الغد''. وفي سياق حديثها أبدت المعلمة استحسانها لمبادرة الحملة التحسيسية، باعتبار أن الملصقات التي يوزعها المشرفون عليها تساعد الأساتذة في أداء عملهم التحسيسي وسط التلاميذ. مواطن آخر قصد طاولة الطبيب ليسأل عن أضرار ''الشمة'' التي أدمن عليها منذ عدة سنوات..واعترف بصراحة:'' نحن نؤذي صحتنا بأنفسنا، وهذه الحملة التحسيسية التفاتة رائعة لحملنا على الاهتمام بصحتنا''. وروى قصته مع ''الشمة'' التي لا تفارق جيب قميصه قائلا:''منذ فترة بذلت مجهودا للتخلي عنها، وشعرت حينئذ بتحسن ملحوظ في حالتي الصحية، لكن سرعان ما عدت إليها مجددا للأسف رغم المتاعب الصحية التي تسببها لي بدءا بالتقيؤ وانتهاء بفقدان الشهية''... ثم استطرد مخاطبا الطبيب: ''أحد زملائي في العمل توفي منذ سنتين بسبب الإدمان على ''الشمة''، فهل صحيح أنها تسبب سرطان المعدة؟'' ولما أكد له الطبيب صحة اعتقاده، أبدى عزمه على التوقف الفوري عن استهلاكها''. ويذكر أن الحملة التحسيسية لمكافحة التدخين لم تشمل بعض محطات القطار فقط، بل امتدت إلى داخل القطارات كذلك تحت إشراف بعض الأطباء وأعضاء جمعية ''بدر'' ليتولوا طرح مناقشات حول خطر التدخين مع المسافرين على متن القطار الرابط بين الجزائرووهران وكذا المسافرين الذين أقلوا القطار الرابط بين الجزائر وسطيف.