مع حلول شهر رمضان من كل سنة نسمع الكثير من العبارات التي تتكرر ولعل أهمها ''وقيلا غلبك رمضان'' أو عبارة ''وقيلا أنت من لي يغلبهم رمضان'' لمجرد أن الشخص تصرف تصرفا ما نابع عن ردة فعل معينة، وإن كانت هذه العبارة لا تنطبق على البعض فإن البعض الآخر من الصائمين تكاد هذه الأخيرة لا تفارقهم لعدة أسباب، أهمها عدم قدرتهم على تحمل الجوع... أو لكونهم من الأشخاص المتعودين على التدخين... أو من المدمنين على القهوة أو لأنهم من الأشخاص الذين يصعب عليهم التكيف بحكم تعودهم على نمط معين من الحياة في الأيام العادية. والسؤال الذي رغبت ''المساء'' في إيجاد إجابة له هو: ما الذي يفعله الصائمون الذين ''يغلبهم رمضان'' للتغلب على هذا الشعور الذي يرافقهم إلى ما بعد الإفطار؟ لم يكن من الصعب علينا ونحن نقوم بهذا الاستطلاع الوصول إلى هذه الفئة من المجتمع إذ تكاد معظم الأسر الجزائرية تحتوي على أشخاص يصنفون ضمن هذه الفئة إلا أن الاختلاف يكمن في طريقة التغلب عليه والتي نعرض لكم منها جانبا. ... أبحث عن أي سبب لأحدث شجارا لأن رمضان يغلبني! افتعال الشجار والبحث عن أي سبب لإثارة الغضب هي عموما الصفة الرائجة عند عدد كبير من المستجوبين حول طريقة التي يتصرف بها الصائمون الذين يغلبهم رمضان وكأن الشجار هو الذي يجعل الصائم يزيح عنه نوعا ما التعب أو الجوع الذي يشعر به جراء الصيام فهذه الآنسة ربيعة عاملة بمؤسسة عمومية جاء على لسانها ان أخاها ووالدها بمجرد أن يحل عليهم رمضان حتى يبادرا إلى افتعال المشاكل من أجل الشجار لسبب بسيط وهو أنهما صائمان فمثلا قالت إن والدها لا يتحمل الجوع وبالتالي نجده طيلة اليوم يبحث عن أتفه الأسباب من أجل التعبير عن غضبه الناتج عن الجوع بسبب الصيام، ولكن بمجرد أن يفطر يتحول إلى شخص آخر، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى أخي، تضيف، إذ تكثر مشاجراته مع أبناء الحي طيلة أيام رمضان، لأنها الوسيلة التي يعبر بها عن غضبه لأنه ببساطة من المدخنين وبالتالي حالة القلق والنرفزة التي تنتابه من جراء عدم التدخين يعبر عنها بافتعال المشاجرات لسبب أو دون ذلك ويظل على هذا الحال إلى غاية انتهاء شهر العبادة. ونفس الرأي لمسناه أيضا عند السيدة فتيحة، عاملة، التي حدثتنا عن زوج أختها وقالت إنه من الصائمين الذين يغلبهم رمضان فلا يقوى على تحمل الجوع ولا يصبر على الصيام إذ يفرغ شحنة الغضب التي تنتابه بافتعال بعض المشاجرات إما مع زوجته حول ما لم تطبخه، أو مع أولاده، فيصرخ عليهم من دون سبب، إلا أن هذه الحالة تضيف قائلة ''سرعان ما تزول بمجرد أن يفطر وعندما يعاد سرد تفاصيل ما قام به خلال اليوم يبتسم ويقول كان غالبني رمضان!''. ...و ليس هنالك أحسن من النوم لمن ''يغلبهم'' رمضان وإذا كان البعض من الصائمين يعبرون عن عدم قدرتهم التغلب على صوم أيام رمضان بالشجار فإن فئة أخرى من الصائمين أوجدوا لنفسهم حلا أسهل ويتمثل في النوم تجنبا للاحتكاك الأمر الذي يعكر مزاجهم وعلى الرغم من معرفة الفئة المستجوبة أن النوم ينقص من ثواب الصائم إلا أنهم يبررون ذلك بعدم قدرتم على التحمل لأن رمضان يغلبهم! ولعل من بين هؤلاء فاتح عامل بنادي الأنترنت الذي قال إنه يعشق النوم إلى درجة كبيرة ويزداد عشقه له برمضان، فهذه السنة تحديدا أحس أنه نام ثلاثة أيام في يوم واحد وعلق قائلا بحكم أن رمضان يقترن مع فصل الصيف الذي يعرف بطول أيامه أحسست أني نمت ثلاث أيام في يوم واحد بحيث رقدت في وقت متأخر من الليل وعندما استيقظت وجدت الساعة الحادية عشر، بعدها عدت الى نوم واستيقظت فوجدت الساعة ال2 زوالا ونمت مجددا لأستيقظ وأجد الساعة الرابعة بعد الزوال فنهضت متعبا ومصابا بالدوار إلا أني لا أجد من حل آخر أتغلب فيه على أيام الصوم الشاقة من غير النوم عوض الدخول في نزاع مع أفراد أسرتي أو مع رفاقي. بينما حدثتنا الحاجة خديجة عن طريقة أخرى للتغلب على رمضان، كان يلجأ إليها زوجها، حيث قالت إنه عند حلول شهر الصيام من كل سنة يغادر زوجها المنزل منذ الصباح الباكر ولا يعود أدراجه إلا بعد حلول موعد الإفطار لأنه يتحول إلى شخص لا يطيق من حوله إذ يتعكر مزاجه ويتحول إلى شخص قلق وعصبي وحتى لا يخطئ في حق من حوله الذين يتجنبون الاحتكاك به في رمضان ولأنه هو الآخر على دراية تامة أن رمضان يغلبه فيبتعد عن المنزل طول اليوم. ويلجا آخرون إلى التزام الصمت وتجنب الحديث مع الآخرين، فتغير سلوك البعض مع حلول الشهر الفضيل لدليل على عدم قدرتهم على تحمل مشاق الصيام وحتى لا يدخلوا في عراك مع الغير يلتزمون الصمت وإن حدث واحتك بهم البعض يردون عبارة واحدة وهي ''ما تدناوش ليا خير... راني صائم''. ... وهناك من ''يغلبهم'' رمضان على المشتريات يظهر على سلوك البعض الآخر من الصائمين شكل آخر من أشكال عدم القدرة على تحمل رمضان بحيث يمكننا أن نعرف من قد غلبهم رمضان من خلال التصرفات التي تصدر عنهم على مستوى المحلات والأسواق فهذا الشاب وليد تاجر يقول إن رمضان يغلبه من الطراز الأول بحيث يتجنب في بعض الأحيان الذهاب الى السوق لأنه يقتني كل ما تقع عليه عينه من السلع وبكميات مبالغ بها فمثلا قال بأن شعوره الشديد بالجوع وهو من محبي طاجين الزيتون دفعه إلى الذهاب إلى أحد المحلات واقتناء كل الزيتون الذي كان يباع لدرجة أن علق عليه البائع قائلا ''وقيلا راه غالبك رمضان''. وإذا كان وليد قد غلبه رمضان على الزيتون فإن عبد الحميد موظف قد غلبه رمضان على الخبز وحدثتنا عنه زوجته سعيدة قائلة إنها عجزت من توجيه الملاحظة لزوجها الذي يشترى كل أنواع الخبز من غير أن يأكل منه وقت الإفطار. وتضيف ''أنا على دراية تامة بأن زوجي يغلبه رمضان ولكني لم أعد قادرة على تحمل هذا الوضع الذي أعيشه طيلة أيام رمضان فأنا أعجن المطلوع لأني لا أحب الخبز وزوجي يشتري كل أنواع الخبز التي يقع بصره عليها وعند الإفطار يفطر على المطلوع الذي أعجنه''.