واصل المجلس الانتقالي الليبي أمس مفاوضات الفرصة الأخيرة من اجل استسلام مدينة بني وليد أحد آخر المعاقل الداعمة للعقيد معمر القذافي الذي انهار نظامه بعد تمكن المعارضة المسلحة المدعومة بحلف الناتو من إسقاط العاصمة طرابلس قبل عشرة أيام. فيما تستعد القوات الموالية للمجلس الانتقالي الليبي لاقتحام مدينة بني وليد الواقعة 150 كلم جنوب شرق العاصمة طرابلس وذلك بعد انتهاء المهلة التي منحت لاستسلامها راجت معلومات عن مفاوضات جارية مع وجهاء المدينة من اجل التوصل إلى اتفاق لحقن الدماء وتسليم المدينة دون قتال. ويسعى القادة الجدد في ليبيا إلى حسم الوضع الميداني بفرض سيطرتهم على جميع المناطق الموالية للعقيد القذافي على غرار مدينة سرت مسقط رأسه وبني وليد حتى يتسنى للمجلس الانتقالي مباشرة مهامه كهيئة انتقالية لتسيير كافة شؤون البلاد. وخيم هدوء حذر صباح أمس على جبهة مدينة بني وليد التي كان شهد محيطها ليلة السبت إلى الأحد اشتباكات متفرقة بين القوات التي أبقت على ولائها للعقيد القذافي ومسلحي المجلس الانتقالي الذين اعدوا العدة وتوجهوا بقوة إلى هذه المدينة لاقتحامها ووضعها تحت سيطرتهم. ويقول مقاتلون محليون أن العديد من أقرباء القذافي من بينهم نجله ساعدي يتواجدون حاليا ببني وليد ولكن القذافي الذي فقد كل اثر له غير متواجد بها. كما ان العديد من المدنيين الذي فروا من بني وليد خوفا من ضراوة الاقتتال أكدوا أن العديد من المقاتلين الموالين للقذافي تركوا المدينة باتجاه الجبال المجاورة حاملين معهم الأسلحة الثقيلة بما ينذر باستمرار المعارك لأيام قادمة. وكان مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي أعلن أن هذا الأخير منح مهلة إلى غاية السبت المقبل للمقاتلين الموالين للقذافي من اجل الاستسلام وترك السلاح وذلك من اجل منح الفرصة للمفاوضات الجارية في سرت وبني وليد وجفرة وسبها التي لا تزال محتفظة بولائها للقذافي. غير أن متحدث باسم معمر القذافي نفى ما تردد من أنباء أفادت أن بني وليد على وشك الاستسلام لمعارضيه مؤكدا أن زعماء القبائل هناك ما يزالون موالين للقذافي. وقال موسى إبراهيم ان ''بني وليد مدينة كبيرة بها واحدة من أكبر القبائل في ليبيا والتي أعلنت ولاءها للقائد ورفضت جميع المفاتحات للتفاوض مع المجلس الانتقالي''. وأضاف انه تحدث مع زعماء قبيلة ورفالة التي تضم ما يصل إلى مليون من سكان ليبيا البالغ عددهم ستة ملايين وأبلغوه ان اجتماعا لزعماء القبيلة قرر مواصلة دعم القذافي. وإن صحت مثل هذه التصريحات فالمؤكد أن الأمور لن تكون سهلة على القادة الجدد في ليبيا لإقناع هذه المدن بالانضمام إلى المجلس الانتقالي الذي يصر على ضرورة محاكمة القذافي. ففي هذا السياق؛ قال غوما الغماتي ممثل المجلس في بريطانيا ان ''القذافي مسؤول على سلسلة من الجرائم البشعة منذ 42 سنة مضت ويتوجب محاكمته عليها''. وأضاف ان ذلك لن يتم إلا بإجراء محاكمة على أحسن وجه في ليبيا. وفي انتظار حسم الوضع ميدانيا في ليبيا أعلن وزير الخارجية الفرنسية ألان جوبيه أن الأممالمتحدة ستستضيف في 20 سبتمبر الجاري في نيويورك مؤتمرا جديدا ''لأصدقاء ليبيا''. وقال جوبيه في تصريح صحفي على هامش اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في سوبوت في بولونيا ''إن الأممالمتحدة ستؤدي دورا أساسيا في كامل هذه العملية المتعلقة بإعادة الإعمار الاقتصادية والسياسية وهناك اجتماع مقرا يوم 20 سبتمبر في نيويورك مع مجموعة أصدقاء ليبيا''. وأضاف رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن الاتحاد الأوروبي سيكون ''حاضرا بقوة في هذا الاجتماع على كل الصعد سواء في المجال الإنساني أو الأمني أو بناء دولة القانون''. وكان عقد اجتماع في باريس الخميس الماضي تناول مستقبل ليبيا بحضور ممثلي 61 دولة خصص لوضع خريطة طريق للسلطات الجديدة في هذا البلد نص على الفور الإفراج عن 15 مليار دولار من الأموال التابعة للنظام السابق المجمدة حاليا.