ودّعت بلدية دار الشيوخ الخميس الماضي، أحد شيوخها الذين صنعوا تاريخها، وهو الشيخ سي حسن نعاس بن علي بن الشيخ عبد الرحمان النعاس، من مواليد 1922 منئأولاد بو عبد الله المنتسبة إلى أولاد العقون، وهو من أتباع الطريقة الرحمانية، كانت سيرته حافلة بالأحداث التاريخية المهمة، خاصة وأنّه كان من صانعي الحدث في مدينة دار الشيوخ. تربى الشيخ حسن يتيما وكفله عمه سي محمد بن الشيخئعبد الرحمان النعاس،ئفعلّمه المعاني السامية للدين الإسلامي، كما كان له الفضل في صقل شخصيته الوطنية، فبعدما انتشر خبر تأسيس حزب الشعب الجزائري كان من الأوائل الذين انضمّوا إليه، وقد اعتقل سنة 1940 من طرف القوات الفرنسية وزجّ به في سجن البيض، الذي لم يدم مكوثه فيه طويلا إذ فر منه. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية كان ممن شملهم العفو، وبقي وفيا لحزب الشعب إلى أن اندلعت الثورة التحريرية سنة ,1954 وذاع صيتها، ومع مجيء الرائد عمر إدريس إلى دار الشيوخ وتأسيسه مجلسا للثورة سنة ,1956 كان الشيخ سي حسن أحد أعضائه رفقة العديد من أبناء دار الشيوخ على غرار الشريف بن عبد القادر خبيزي ومحمد الصغير قاسم. وبعد الانطلاقة الحقيقة للثورة، انضمّ سي حسن إلى صفوفها كمدني في دار الشيوخ، ومع منتصف سنة 1957 حدثت المؤامرة الدنيئة التي قام بها الخائن بلونيس، حيث قام بانقلاب في دار الشيوخ، راح ضحيته العديد من المخلصين، وكان الشيخ حسن أحد ضحاياه فتم الزج به في السجن، وقد عذّب من قبل أتباعه، ولولا فضل الله لكان ممن تم تصفيتهم. بعد توالي الأحداث الدامية في دار الشيوخ، استطاع جيش التحرير القضاء على بلونيس وأتباعه، وفي سنة 1958 قامت القوات الفرنسية بتنصيبه رئيسا لبلدية دار الشيوخ، وهذا بعد أن أبرم اتّفاقا مع عمر إدريس كان محتواه أن يستلم المنصب ويكون العين الساهرة على نقل الأخبار إلى جيش التحرير، وقد جسّد فعلا هذا الاتفاق، فقد كان ينقل كل أخبار تحرّكات العدو لعمر إدريس، ودام في هذا المنصب مدة أربع سنوات إلى غاية 1962 وهو يناضل من أجل استقلال الجزائر ودحر المستعمر. بعد أن نالت الجزائر استقلالها أقامت الولاية السادسة التاريخية احتفالات بالنصر، وتم خلالها عزل كل رؤساء البلديات عدا الشيخ سي حسن الذي أبقاه قائد الولاية السادسة التاريخية العقيد شعباني رئيسا لبلدية دار الشيوخ، وذلك لعلمه بولائه للثورة التحريرية وبقي شيخنا رئيسا للبلدية إلى غاية ,1965 بعدها اعتزل السياسة، وبذلك اعتبر رمزا من رموز دار الشيوخ الخالدة في ذاكرة كل أبنائها إلى يومنا هذا، فقد ترك المرحوم تاريخا مشرفا زاخرا بالبطولات التي لا يزال يتذكرها أبناء حوش النعاس على مدى الدهر.