نظم الديوان الوطني للثقافة والإعلام بالتنسيق مع وزارة الثقافة وقفة فكرية ثقافية تذكيرا بأعلام الطريقة الرحمانية وصلحاء الجزائر أول أمس، بقاعة الأطلس بباب الوادي، حضرها مريدو الطريقة الرحمانية من اثنتي عشر ولاية من مريدين وشيوخ زوايا على رأسهم فضيلة الشيخ مأمون القاسمي شيخ زاوية الهامل، والشيخ بالحملاوي شيخ الزاوية الحملاوية بشرق البلاد، والشيخ محمد شريف قاهر ممثل شيخ زاوية شلاطة بمنطقة القبائل، وشيوخ من ولاية عين الدفلى، البليدة، بومرداس، الجزائر العاصمة ومناطق أخرى من الوطن من طلبة اكتظت بهم قاعة الأطلس. ترأس جلسة الافتتاح عمر بن عائشة من إطارات وزارة الثقافة، حيث أعلن عن برنامج هذه الوقفة التي تم افتتاحها بتلاوة قرآنية جماعية لسورة "الفتح" على الطريقة الجزائرية قراءة حزب الراتب، ليتلوها بعد ذلك الاستماع للنشيد الوطني قبل أن تحال الكلمة لفضيلة الشيخ مأمون القاسمي الذي ألقى بهذه المناسبة محاضرة استعرض فيها لمحات من نفحات سيرة مؤسس الطريقة الرحمانية سيدي محمد بن عبد الرحمان الحسني الشريف ابن جبال النور جبال جرجرة بقرية بونوح منطقة بوغني أحد كبار أعلام الجزائر وصلحائها وهو دفين مدينة الجزائر حيث قال فضيلته: "لابد من إشارات بسيطة إلى هذه الطريقة الربانية التي نجتمع في ظلالها ونتذكر مؤسسها العالم الرباني سيدي محمد بن عبد الرحمان الأزهري الشريف الحسني الذي فتح الله عليه وكان مفتاح هذه الطريقة وكان بابها لهذا الوطن الذي انتشرت فيه ." كما روى فضيلته على الحاضرين نفحات من سيرته الحياتية والعلمية بصفة خاصة خصوص تلك المتعلقة بتعلمه بعد مولده الذي كان سنة 1131ه حيث أجيز من طرف علماء المنطقة في العلوم العربية والإسلامية، ثم انتقل وهو ابن 22 سنة إلى الأزهر، ومنه شد الرحال إلى الحجاز حيث أدى فريضة الحج والتقى بنخبة من العلماء قبل أن يعود مرة أخرى إلى الأزهر الشريف ويقيم بالقاهرة نحو ثلاثين سنة قضاها في تحصيل العلم والترقي في مدارجه حتى أخذ من شيوخ العلم في كل فنون العربية والإسلامية وأجازه من كل شيوخ الأزهر، وبأمر من شيخه سيدي مصطفى البكري انتقل إلى إقليم دار فور بالسودان لنشر الطريقة الخلواتية حيث أقام ست سنوات بين مختلف قبائلها داعيا إلى الله إلى أن دعاه شيخه إلى العودة إلى القاهرة ثم سمح له بالعودة إلى الجزائر لينشئ زاويته الأولى "زاوية بنوح" بجرجرة التي أسس بها أولى الزوايا الرحمانية، وكانت تسمى بالطريقة التي انتسب إليها وهي الخلواتية، ثم زاويته في الجزائر العاصمة، وبفضل الله انتشرت هذه الطريقة في هذا الوطن كله. كما ذكر المحاضر بدور الزوايا في المقاومة والجهاد من الأمير عبد القادر إلى ثورة التحرير، من الثورات الشعبية بوبغلة، لالة فاطمة نسومر، الزعاطشة، الشيخ الحداد، المقراني، بوعمامة وغيرها من الثورات الشعبية رغم مضايقة الاستعمار الفرنسي لهذه القلاع العلمية والجهادية التي رابطت من أجل دحر الاستعمار وإخراجه من الجزائر المسلمة. واستعرض المحاضر الدور الكبير الذي قامت به الطريقة الرحمانية في ربط المجتمع برباط وثيق مع مكوناته وقيمه على تعدد ألسنته ولهجاته بين هذا الرباط الروحي التربية والجهاد، ربطت بين العلم والعمل، ربطت بين الحياة الروحية والاجتماعية والوطنية، وأنها- الزوايا الرحمانية - مازالت تبث هذه القيم. وعرج فضيلته على المحنة التي مرت بها الجزائر حيث قال: "عشنا محنة عظيمة، سنوات الجمر بعد هذه الفتن لولا لطف الله وفضله الذي قيض لنا من رجال هذه الأمة من ينهضون بها ويرأبون صدعها، نحن نبارك هذه الخطوات التي قطعت لإخماد نار الفتنة من أجل إخراج شعبنا من ظلمات الإرهاب إلى أضواء الأمن والاطمئنان نشد بيد من كان وراء هذه الخطوات. أما فضيلة الشيخ محمد شريف قاهر الذي ألقى كلمة مقتضبة ركز فيها على الزوايا الرحمانية والتصوف والصفاء التي لا تعرف المدارس والجامعات عنها الكثير وما قدمته لهذا البلد العظيم من العلماء العارفين العاملين المجاهدين. وذكر الشيخ قاهر بالخطر الذي نعيشه اليوم قائلا: إن البلد اليوم في خطر، لا ينبغي أن نحمل المسؤولية لواحد بعينيه، فالمسؤولية مسؤوليتنا جميعا، لا من التنصير وإنما من التكفير، "من يرتد منكم على دينه" الخروج من الدين كفر وليس هو تنصيرا. وكن آخر المتدخلين الشيخ بن الحملاوي الذي ذكر هو الآخر بدور الزوايا في نشر لعلم ومساعدة المحتاجين وإصلاح ذات البين بين الناس، لتختم الندوة بعد التذكير بالولي العالم الصالح سيدي عبد الرحمان الثعالبي، حيث قرأت آيات بينات من ذكر الله الحكيم تلاوة جماعية من قبل طلبة الزوايا وبدعاء من الشيخ مأمون القاسمي بالخير والأمن للبلاد والعباد.