أكد الصحفي الفرنسي المعروف ادوي بلينال، أن الاحتفال بالعيد الخمسين لاستقلال الجزائر يهم فرنسا أيضا، مضيفا أنه من الضروري أن تتحمل الدول مسؤولية تاريخها دون محاولة تسييسه أو استغلاله. واعتبر بلينال في المحاضرة التي ألقاها في اطار الصالون الدولي للكتاب، الذي اختتمت فعالياته أول أمس، على هامش تقديمه لكتابه الجديد الذي يضم حوارا مطولا مع بنجامين ستورا، أن فرنسا معنية أيضا بإحياء الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر دون أن يوضح نوعية هذا الاهتمام وأسبابه، مطالبا بتحمل الدولتين (الجزائروفرنسا) التاريخ الذي يربط بينهما. وكشف المتحدث أنه سيتم -قريبا- اطلاق نداء سمي »من أجل الحقيقة والمصالحة«، وهذا في موقع الجريدة الإلكترونية »ميديا بارت«، يتعلق في بداية الأمر بقمع مظاهرات الجزائريين بباريس في أحداث 17 أكتوبر ,1961 حيث سيضم مجموعة من النشاطات الثقافية والفنية تمس تاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وفي هذا الإطار، تم -مؤخرا- عرض فيلم »أكتوبر في باريس«، كما ستتم -طيلة أشهر من الزمن- برمجة نشاطات أخرى حول نفس الموضوع؛ وفي نفس السياق، أكد ادوي أن هذا النداء سيكون موجها أولا للفرنسيين ويهدف إلى الكشف عن الحقائق، موضحا أنه آن الأوان لأن تقدم الحقائق للرأي العام، وأنه على فرنسا أن تعترف بأن استعمارها للجزائر حرمها من جزء من تاريخها وجرحها كثيرا. وتوقف بلينان عند هذا الحدث المأساوي قائلا إن هذه المجزرة دخلت طي النسيان، رغم أنها شكلت أكبر مجزرة حدثت في تاريخ فرنسا المعاصر، مؤكدا على ضرورة الاعتراف بما حدث في يوم 17 أكتوبر 1961 بباريس ضد عمال جزائريين. في إطار آخر، أكد بلينال على الدور الحقيقي للصحفي في العالم والذي يتمثل في الكشف عن الحقائق وتقديمها إلى الرأي العام، مطالبا -في نفس السياق- بضرورة أن لا يكذب الصحفي وأن لا يقدم المعلومة إلا عبر وسائل إعلام مستقلة عن القوى السياسية والاقتصادية وهذا حتى يتمتع بالحرية التامة في أداء عمله. وقدم بلينال مثالا عن كذب السلطة الامريكية على الرأي العام فيما يخص العراق وتبعه كذب آخر للصحافة حول نفس الموضوع لتكون النتيجة كارثية، حرب ودمار، مضيفا أن صحفيا آخر غيّر من وجهة الرأي العام الأمريكي حول الحرب في العراق، حينما كشف عن التعذيب الذي يحدث في سجن أبو غريب. وشدد بلينال على دور الصحافة في المسار الديمقراطي لأي دولة خاصة العربية منها التي شهدت ربيعا عربيا، مستطردا قوله إنه لا يمكن أن ينتخب المواطن بكل حرية إذا لم تكن كل الحقائق مكشوفة أمامه؛ بالمقابل، تحدث الصحفي مطولا عن التغييرات الكبيرة التي تشهدها المرحلة التي نعشيها والمتمثلة أساسا في الأزمة الاقتصادية العالمية والثورة الصناعية التي تمس تكنلوجيات الاتصال ونهاية السيطرة العالمية المحضة لأوروبا على العالم. كما تطرق المحاضر إلى تزايد العنصرية في فرنسا فقال إن أصل بلد فيكتور ايغو أجنبي، مستأنفا قوله إن ديغول استعان بجيش يتكون من 66 بالمائة من قوات مستعمراتها لانقاذ فرنسا من المستعمر الألماني، أما عن علاقته بالجزائر وهو الذي درس فيها في مراهقته وإلى غاية السنة الأولى جامعي، فقال إن طفولته التي قضاها بالكراييب ومراهقته وبداية شبابه التي قضاها في الجزائر هي التي ساهمت بدرجة كبيرة في تكوين شخصيته ودفعته لأن يكون صحفيا يدافع عن الحقيقة. وندد بلينال باستعمال السلطة الفرنسية الحاكمة الخوف كدافع مكنها من اعتلاء الحكم وهذا من خلال غرس الخوف بين أطياف المجتمع الواحد، وهو ما رفضه المتحدث جملة وتفصيلا، مستانفا قوله إنه ضد الظلم بجميع أشكاله باعتبار أن أي ظلم يحدث ولو مس شخصا واحدا ولأي هدف كان، قد يحدث القطيعة في العقد الاجتماعي للدولة. للإشارة، ايدوي بلينال، صحفي وكاتب فرنسي، ولد سنة 1952 بنانت وأمضى طفولته بجزر الكراييب ومن ثم التحق بالجزائر العاصمة سنة 1965 مع والده الذي كان يشغل منصبا بجامعة الجزائر وعاش في الجزائر إلى غاية السبعينات، اشتغل في جريدة ''لوموند'' في الثمانينات وتولى رئاسة تحريرها سنة ,1996 وقام سنة 2007 بإنشاء جريدة إلكترونية ''ميديا بارت'' التي كشف من خلالها الكثير من الفضائح السياسية، ألف العديد من الكتب ونال سنة 2003 جائزة مدسيس للمقالات عن كتابه: ''أسرار الشباب''.