تسود أجواء تضامنية مركز العبور الذي رحلت إليه العائلات المتضررة من فيضانات السبت الأخير بولاية البيض، وتميزه الحيوية والنشاط، صنعتها مشاعر التضامن والتآزر المعروفة لدى الشعب الجزائري، بالرغم من تسجيل ارتفاع في عدد الضحايا الذي بلغ أحد عشر قتيلا، عقب عثور مصالح الحماية المدنية على جثة الشاب بلكحل مصطفى الذي سجل مفقودا منذ اليوم الأول للفيضانات حسبما أكدته، أمس، مصالح خلية الأزمة بالولاية. وارتفع عدد ضحايا الفيضانات الأخيرة التي شهدتها ولاية البيض، يوم السبت المنصرم، إلى أحد عشر قتيلا، عقب عثور مصالح الحماية المدنية على جثة الشاب بلكحل مصطفى الذي سجل في عداد المفقودين منذ اليوم الأول للفيضانات، حسبما أكدته أمس، مصالح خلية الأزمة بالولاية. ويبلغ الضحية المنتسب إلى سلك الحماية المدنية 30 سنة، حيث فقد مباشرة بعد أن تمكن من إنقاذ عجوز من هلاك مؤكد، حسبما أوضحته شهادة عدد من الذين عايشوا الحادثة. وقد تم العثور على جثة الضحية، مساء أول أمس الثلاثاء، في منطقة خناق أزير الواقعة في الجهة الشمالية لمصب وادي البيض حسبما ذكرته مصالح الحماية المدنية. ومن المرتقب أن تحمل الوحدة الرئيسية الجديدة لحي أولاد يحيى اسم المرحوم تقديرا لتضحياته وعرفانا له، حسبما أوضحه والي البيض خلال مراسيم تقديم واجب العزاء لعائلة الضحية. من جهة أخرى، لا تزال الأبحاث جارية بخصوص الطفلة مريم جلولي البالغة من العمر سنة واحدة التي فقدتها والدتها خلال الفيضانات الأخيرة حسب خلية الأزمة. وقد رحلت تسع عائلات متضررة كانت تقطن بحي المهبولة بمدينة البيض إلى مركز العبور بعد أن سجلت المصالح التقنية المختصة حجم الضرر الذي لحق بسكناتها والتي انهارت عن آخرها. ولجأت المصالح الولائية إلى تهديم ما تبقى من هذه المساكن وإزالة مخلفاتها ''لمنع السماح باستغلالها من طرف بعض الانتهازيين الذين يحاولون استغلال هذه المحنة''، كما أوضحت مصالح الولاية. وتحرص المصالح الولائية على اتخاذ كل التدابير التي تثبت حجم الأضرار التي لحقت بهذه السكنات وتحديد مالكيها الأصليين، وذلك بمراقبة المصالح الأمنية التي تسهر على سلامة إقامتهم داخل هذه المؤسسات التربوية وعلى مستوى مركز العبور. ويشهد مركز العبور الذي فتح على مستوى المقر السابق لمصنع الأحذية بمدينة البيض حيوية كبيرة وأجواء تضامنية واسعة مع العائلات المنكوبة التي حولت إليه في إطار الجهود المكثفة التي تقوم بها السلطات العمومية للتكفل بها. وقد تم تدعيم هذا المرفق بكافة الوسائل الضرورية والخدمات التي تتطلبها الحياة اليومية، حيث تم توفير مركز خاص بأعوان الحماية المدنية الذين يسهرون على تقديم المساعدة والخدمات المختلفة للمتضررين الذين وزعت عليهم بطاقات إقامة تثبت إقامتهم بهذا المركز. كما يتوفر مركز العبور هذا على مركز للمراقبة الأمنية يؤطره أعوان الشرطة الذين يقومون بتسجيل كل زائر إلى هذا المركز في سجل خاص. كما تم تجهيز عدة أجنحة جماعية لصالح الشباب بغرض السماح لهم بالمكوث جماعيا إلى غاية اجتياز هذه المحنة العصيبة إلى جانب تجهيز، في الجهة المقابلة، المركز بعدة غرف تتوفر على أسرة بجميع لوازمها من أفرشة وبطانيات موجهة لاستقبال العائلات المحدودة الأفراد تبعا لمساحة كل غرفة التي تحتوي أيضا على جميع ظروف التهوية والنظافة. وتتوفر حظيرة المركز على أعداد كبيرة من صهاريج المياه بالإضافة إلى قارورات المياه المعدنية التي يتم توزيعها بشكل دوري على العائلات. وفي بهو مركز العبور الذي تتجاوز مساحته الإجمالية 700,1 متر مربع، وأقيمت خيم موجهة لاستقبال باقي العائلات المحولة إلى نفس المركز بهدف تجميعها في هذا الموقع ريثما يتم الشروع في إعادة إسكانها في سكنات لائقة والتي يتم استكمال الأشغال المتبقية بها بوتيرة متسارعة لاستلامها في أقرب الآجال كما أكدت مصالح الولاية. كما تم توفير عدد من حافلات النقل المدرسي لغرض نقل المتمدرسين من أبناء العائلات المتضررة المحولة إلى المركز إلى مؤسساتهم التعليمية لضمان تمدرس عادي لهم، وجندت من جهتها مصالح الحماية المدنية بالبيض فرقا من سيارات الإسعاف إضافة إلى شاحنة من الحجم الكبير خاصة بإخماد الحرائق. وحول ردود فعل المتضررين بخصوص ظروف التكفل بهم بهذا المركز، أكد السيد مقدم وهو رب عائلة هي من أولى العائلات المنكوبة التي حولت إلى هذا المركز أنه ''لمس هبة تضامنية كبيرة للدولة للتكفل بالمتضررين ووقوفها إلى جانبهم منذ الساعات الأولى من حدوث الكارثة''. وأعرب المتحدث عن ''ارتياحه'' للظروف التي تتم فيها عملية التكفل بهم قائلا ''لقد وفر لنا كل ما هو ضروري داخل مركز العبور من أكل وشرب ورعاية طبية وغيرها من الخدمات اللازمة''. ونفس المشاعر عبرت عنها الحاجة فاطنة التي أكدت ''أن الدولة وفرت للمقيمين بالمركز رعاية كبيرة وخدمات مضمونة ليلا نهارا''، مضيفة ''ثقتنا كبيرة في الدولة الجزائرية لمساعدتنا لتجاوز هذه المحنة وتوفير سكنات لائقة لنا جميعا''. وقد هب لإغاثة هؤلاء المتضررين مجموعة من الصيادلة الخواص الذين التحقوا بهذا المركز متطوعين مرفوقين بكميات كبيرة من مختلف الأدوية وحليب الرضع ومستلزمات رعاية الأطفال لمد يد العون لمختلف الحالات المرضية، كما بادروا بفتح فرع لتقديم الأدوية مجانا بناء على وصفات طبية تقدم من طرف المرضى المقيمين بالمركز. وفي هذا الشأن، لاحظت الصيدلانية برابح سمية، أن غالبية الوصفات التي تمت تلبيتها إلى حد الآن ''تخص بالأساس حالات الضغط والحمى والإسهال بالنسبة للأطفال وهي حالات عادية'' وأنه ''لم تسجل أي حالة مرضية خطيرة أو أمراض معدية''، مضيفة أنه ''تمت الاستجابة لأكثر من300 وصفة طبية خلال الثلاثة أيام الأخيرة مما يفسر توفر الأدوية بشكل تام والسهر على الرعاية الطبية من طرف عيادة المركز ومختلف الساهرين على أمن وسلامة العائلات المتضررة''. ويضمن الهلال الأحمر الجزائري، من جهته، خدمات تحضير وجبات غذائية كاملة لفائدة المنكوبين بهذا المركز، كما أوضح رئيس المكتب الولائي للهلال الأحمر الجزائري الذي أكد بالمناسبة أن مصالح الولاية ''توفر جميع الضروريات من مواد غذائية وخضر وحليب ومياه، حيث يتم توزيع الوجبات الغذائية على شكل حصص حسب تعداد أفراد العائلة الواحدة''. وأعرب المقيمون بهذا المركز عن ''ارتياحهم'' لمشاعر التعاطف والتضامن الذي لمسوه لدى السلطات العمومية وهم ''يأملون أن يتجاوزوا هذه المحنة في القريب وتعود الأوضاع إلى مجراها الطبيعي''.