تواصلت، أمس، بالجزائر العاصمة، أشغال مؤتمر الطوارئ الدولي ضد حروب الاحتلال والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلدان ودفاعا عن سلامة الأمم وسيادتها، حيث كانت الدعوة إلى ضرورة تبني موقف موحّد وجريء إزاء انعكاسات التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول، لتفادي تكرار السيناريو الليبي الذي صار تجربة دسمة تسعى بعض الأطراف لنقلها لدول شمال إفريقيا والخليج العربي. وخصّص اليوم الثاني من أشغال هذا المؤتمر الذي يشرف على تنظيمه حزب العمال بالتعاون مع المركزية النقابية بنزل السفير بالعاصمة، لتدخلات مختلف المشاركين من داخل الوطن وخارجه، حيث تركزت جل هذه التدخلات على رفض أشكال التدخل الأجنبي على سيادة الدول بأي حجة كانت، مع التمسك بضرورة حل المشاكل والأزمات السياسية والأمنية داخليا وفق ما يتماشى ومصالح أطراف الصراع. واقترح هؤلاء المشاركون أن تتوج أشغال هذا المؤتمر الدولي الهام بتوصيات تصب في تعزيز وتكريس احترام سيادة الدول وفق ما تقتضيه القوانين واللوائح الأممية، إلى جانب تبني آليات قانونية جديدة تعيد الاعتبار لمصلحة وخيارات الشعوب والطبقات العمالية على الأهداف والأطماع الخارجية. وفي هذا الإطار، أكد الأكاديمي والنقابي التركي السيد كوناك أحمد على توحد وتلاحم الشعوب لاسيما الإفريقية والعربية ضد سياسات التدخل الأجنبي التوسعية باسم تحرير الشعوب وإرساء تعاليم الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. مشيرا إلى التوتر القائم بالمنطقة العربية والإفريقية جراء الأطماع التوسعية الغربية والأهداف الاستراتيجية المراد بلوغها. وشدّد على ضرورة احترام التشريعات الدولية المؤكدة على وجوب احترام سيادة الدول ومراعات مصالح شعوبها، موضحا أن هذا الالتزام يتوجب مراعاته من قبل الدول العظمى بصفتها المعنية الأولى بالتقيد بهذه التشريعات واللوائح الأممية. وبدوره، حذّر الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية السيد أحمد كنيوة من تبعيات التدخل الأجنبي في بعض دول الجوار وانعكاساتها الخطيرة على دول المنطقة ككل، مرجعا تردي الأوضاع السياسية والأمنية بالدول التي تعيش ما يسمى ب''الربيع العربي'' إلى القرارات الانفرادية للدول العظمى التي أقرت التدخل العسكري في الشؤون الداخلية لهذه الدول على غرار ما حصل في ليبيا. وقال ''إن الجزائر تعتبر من الدول الرائدة التي تمسكت بموقفها الرافض للتدخلات الأجنبية في شؤون الدول مهما كانت الأسباب والظروف''، مبديا أسفه لعدم الأخذ بهذا الموقف الذي كان سيجنب ليبيا الكثير من المشاكل السياسية والأمنية. كما أضاف موضحا أن ما حصل في ليبيا سيكون درسا لدول المتوسط والمنطقة العربية والإفريقية للتفكير في تجنيب الدول الأخرى سياسة التدخل والميل أكثر نحو الحل الداخلي للأزمات. ومن جهة أخرى، أشار السيناتور المالي السيد قيس ابراهيما في تدخل له إلى أهمية إعداد تقارير دقيقة حول ما يجري بالدول العربية والإفريقية من خطط غربية للسيطرة عليها ونهب ثرواتها باسم التحرر والديمقراطية، منتقدا في السياق الحملات الإعلامية التي تشنها بعض الفضائيات العربية والغربية لتضليل الرأي العام الدولي حول حقيقة هذه الخطط والأطماع. كما دعا الدول للمزيد من الحذر اتجاه الأطماع التوسعية الغربية على حساب الشعوب الإفريقية. واقترح الخروج بتوصيات على المستوى الخارجي لبلورة فكرة الدفاع عن وحدة وسيادة الشعوب. واعتبر أن المشاكل الأمنية التي تميز منطقة الساحل الإفريقي تستدعي تنسيقا سياسيا وأمنيا بين دول الجوار على غرار الجزائر ومالي والتشاد لتأمين المنطقة من أي تدخل أجنبي فيها. وبدوره، توقف ممثل الحزب الاشتراكي المصري السيد محمد خليل عند أهمية مراعاة تطلعات الشعوب وآمالها، منتقدا في السياق مساعي الغرب لفرض هيمنته على المطالب الشعبية، وقال في السياق إن ثورة 25 يناير بمصر جاءت كذلك ضد السياسات المالية والاقتصادية للهيئات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك العالي. وينتظر أن يتوج مؤتمر الطوارئ الدولي بتوصيات هامة تتماشى والمستجدات السياسية والأمنية التي تميز المنطقة العربية والإفريقية، بشكل يعاد فيه الاعتبار لمصالح الشعوب وسيادة دولها.