يبدو أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قررت لعب دور الوسيط لتسوية الملف النووي الإيراني ضمن محاولة لتفادي تطور الازمة التي اندلعت مؤخرا بين الدول الغربيةوطهران إلى نزاع مسلح لن يضر فقط بمنطقة الشرق الأوسط بل بالعالم أجمع. وفي هذا السياق، من المقرر أن يصل يوم غد إلى العاصمة طهران فريق من مفتشي الوكالة في زيارة غير موجهة لتفتيش المفاعلات النووية الإيرانية كما جرت العادة، وإنما تندرج ضمن محاولة تفعيل المحادثات بين الجانبين الإيراني ومجموعة ال ''5+''1 التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا. ومن المتوقع أن يطلب وفد الوكالة الذي يرأسه كبير المفتشين الدوليين هيرمان ناكيرتس بعقد لقاءات مع مسؤولين إيرانيين والاطلاع على وثائق يمكن أن توضح المخاوف المتصاعدة من سعي إيران لامتلاك السلاح النووي. ولكن الوكالة الذرية أعلنت أن الزيارة ستدوم ثلاثة أيام في مهمة تهدف إلى ''تسوية كل المسائل الهامة والتي تشكل موضع شك في البرنامج النووي الإيراني'' في تلميح إلى ما تروج له الدول الغربية بأن البرنامج النووي الإيراني يحمل نزعة عسكرية. وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه كبير المفتشين السابق الفيلندي اولي هايونين الذي عبر عن اعتقاده أن الزيارة تهدف إلى إجراء ''محادثات من أجل تفعيل المحادثات'' الإيرانيةالغربية. ورغم أن هذه الزيارة تأتي في ظرف خاص يميزه تصعيد في درجة التوتر بين طهران والغرب وأصبح يهدد باحتمال اندلاع نزاع مسلح في المنطقة، إلا أن ذلك لم يمنع متتبعين لتطورات الملف النووي الإيراني من التأكيد أنهم لا يتوقعون تحقيق أي تقدم على مستوى المسائل الرئيسية في مسار تسوية هذه المعضلة. وهو نفس الطرح الذي ذهب إليه دبلوماسيون غربيون عادة ما يتهمون طهران باستغلال مثل هذه الاجتماعات كتكتيك لكسب الوقت بينما تمضي قدما في برنامجها النووي، وأعربوا عن شكوكهم في أن تنتهي الاجتماعات القادمة إلى تحقيق تقدم ملموس كما عبرت عن ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولكن إيران التي وافقت على زيارة المفتشين، أوضحت على لسان سفيرها لدى الوكالة أنها ستتعاون معهم على أساس قواعد تقنية ودعا مفتشي الوكالة إلى التحلي بالمهنية. للإشارة فإن طهران كانت اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها أداة في يد القوى العظمى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، حيث وصفت آخر تقرير للوكالة الذي أثار أزمة حادة بين الجانبين ب''المسيّس''. وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام الاممي، بان كي مون، الدول الغربيةوإيران إلى استئناف المحادثات حول الملف النووي الإيراني. وقال مون في ندوة صحافية عقدها على هامش أشغال منتدى ''دافوس'' الاقتصادي انه لا يوجد بديل عن الحوار لاحتواء الازمة النووية الإيرانية. وأضاف أنه يجب على ''إيران ان تمثل بشكل كامل للوائح الأممية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي''.