سيتم إنجاز متحف يحمل تاريخ الجزائر العاصمة لحقبة تاريخية تعود إلى ألفي سنة داخل محطة مترو الجزائر بساحة الشهداء الذي سيتم تشغيله في نهاية سنة .2015 وسيشمل المتحف آثارا أوان وتجهيزات إلى جانب فسيفساء تعود لفترة الفينيقيين، الرومان وجزائر بني مزغنة، وكذا للمرحلة العثمانية الأولى تم العثور عليها عند بداية أشغال الحفر لإنجاز مشروع المترو مما أدى إلى تعميق الحفر بنسبة 8 بالمائة تحت الأرض ليتم إنجاز المترو على عمق 34 مترا عوض 19 مترا حفاظا على هذا الإرث التاريخي. أكد السيد عبد الوهاب زكار المدير العام لاستغلال وتسيير الممتلكات الثقافية أن أشغال مترو الجزائر على مستوى ساحة الشهداء سمحت باكتشاف تاريخ العاصمة عبر الحضارات المتعاقبة من الفترة الفينيقية الى العهد العثماني الأول. بحيث كانت كل حضارة تبني مدينتها فوق المدينة التي سبقتها، وشبه السيد زكار هذه المدن ب''كعكة 1000 ورقة'' المعروفة بوضع طبقة من العجينة فوق الأخرى. وأضاف السيد زكار في تدخله بمنتدى ''المجاهد'' أمس أن هذه الآثار والتجهيزات التي كانت مستعملة في تلك الفترة سيتم الاحتفاظ بها داخل متحف سيشيد داخل محطة مترو ساحة الشهداء التي تعرف حاليا أشغالها نسبة تقدم ب30 بالمائة. على أن يشمل هذا المتحف الفريد من نوعه في العالم مجسمات أخرى في شكل مدن الحقبة الفينيقية، الرومانية، وجزائر بني مزغنة ليتمكن المسافرون وكل من يستعمل هذه المحطة من معرفة تاريخ الجزائر القديم والحضارات المتعاقبة عليها، وليتمكن أيضا من التعرف على ما لم يتم مشاهدته من بنايات سقطت ولم تبق منها سوى الآثار. وقد تم العثور أيضا على مقابر تعود للقرن السادس ميلادي بحيث أثبتت تحاليل مادة الكربون 14 أنها تعود لسنة 610 ميلادي. وقد أدى اكتشاف هذه الآثار الى إعادة مراجعة دراسة مشروع المترو بالمنطقة المذكورة إذ كان من المفروض أن يتم انجازه على عمق 19 مترا تحت الأرض بنفس مستوى البحر، غير أن هذا الكنز التاريخي الذي تم العثور جعل الجهات القائمة على المشروع تغير مخطط العمل والدراسة بالرجوع الى الخلف قليلا وتعميق الحفر ليصل إلى عمق 34 مترا حتى لا يمس بهذه الآثار ويتم الاحتفاظ بها لتعريف الأجيال بمن سبقوهم. وأضاف المتحدث أن المدن التي تم العثور عليها تحت الأرض بالرغم من انهيارها فإنها تتطابق مع الخرائط الموجودة الخاصة بتلك الفترة. ويوجد مشروع خط المترو الرابط بين ساحة الشهداء والبريد المركزي في مرحلة الهندسة المدنية لوضع المنشآت الكبرى حاليا على مستوى محطة علي بومنجل وهي الأشغال التي ستنتهي في أفريل 2014 على أن تنطلق فيما بعد مرحلة وضع التجهيزات الخاصة بالمترو التي تستغرق سنة ونصف ليكون هذا الخط جاهزا في نهاية .2015 من جهة أخرى طمأن السيد زكار سكان حي القصبة وبابا عزون الذين عبروا عن تخوفهم من تضرر بنايتهم القديمة بسبب أشغال المترو، بحيث قال إن هذه البنايات في منأى ولا يوجد أي خطر يهددها ولا يمكن أن تنهار بسبب أشغال الحفر كما يتخوف منه البعض. وفي هذا السياق أكد السيد مصطفى الطيب حوشين مدير المنشآت بمؤسسة مترو الجزائر أن أشغال المترو تنجز وفقا لدراسات جد دقيقة أخذت بعين الاعتبار كل الظروف الطبيعية أشرف عليها مختصون في علم الجيولوجيا والزلازل والهندسة المدنية ولا يمكن لعمارة ما أن تتضرر أو تسقط بفعل المشروع. ومن جهته أضاف السيد زكار بأن السلطات المحلية قامت بوضع مخطط لحماية 394 منزلا من أخطار الفيضانات، وتعمل حاليا لحماية 323 منزلا آخر من السكنات القديمة المبنية بالطوب والجير بالقصبة من مجمل 1816 مسكن. مشيرا في هذا النسق الى أن الدولة تدعم عمليات ترميم هذه السكنات بنسبة 80 بالمائة، كما أنها مستعدة لشرائها من أصحابها إذا أرادوا بيعها. وقامت المصالح التقنية لمترو الجزائر مع المركز التقني للمراقبة بزيارة أكثر من 2200 مسكن بساحة الشهداء لمعرفة وضع العمارات التي يعود بناؤها للحقبة الاستعمارية قبل الشروع في أشغال المترو، حسبما أكده السيد حوشين الذي قال إن أشغال الانجاز تتم قبل الشروع في الحفر دائما بالاستعانة بجهاز سكانير متطور يكشف كل ما يوجد تحت الأرض من أشياء ومعرفة نوعها ومادتها للتأكد من عدم تسببها في أي ضرر. و''بما أن الخطر صفر غير موجود وكل شيء ممكن''، يضيف المتحدث ''فإن كل ضرر تسببه أشغال الانجاز فالجهات المسؤولة ستتكفل به بالرغم من أنها اتخذت كل التدابير لتفادي أي ضرر''. وفي حديثه عما يتداول في الشارع بخصوص شعور بعض السكان بحي أول ماي باهتزازات داخل مساكنهم كلما يمر المترو، قال المتحدث باسم مترو الجزائر بأن المؤسسة وضعت آلات فوق السكة الحديدية التي يمر فوقها المترو لامتصاص هذه الهزات بمعدل 2 مليمتر في الثانية وبالتالي فإن هذه الهزات قليلة جدا مقارنة بتلك التي تصدر عن باقي وسائل النقل الأخرى ولا يمكن الشعور بها.