أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي امس الأربعاء أن كل التدابير قد اتخذت لاستقبال أكثر من 500 ملاحظ دولي خلال الانتخابات التشريعية المقررة يوم 10 ماي القادم، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي قرر إيفاد 120 ملاحظا والاتحاد الإفريقي 200 ملاحظ والجامعة العربية 100 ملاحظ. كما اضاف السيد مدلسي الذي نزل ضيفا على القناة الأولى للإذاعة الجزائرية، ان الأممالمتحدة ستكون ممثلة ب10 ملاحظين ومنظمة التعاون الاسلامي ب20 ملاحظا في انتظار وفدي المنظمتين غير الحكوميتين (كارتر وآن.دي.أي)، اللتين أكدتا حضور ملاحظين عنهما في هذا الموعد الانتخابي. وبخصوص تصويت الجالية الجزائرية في المهجر، أكد السيد مدلسي أن الجزائر تملك تجربة في هذا المجال، مشيرا الى أن ''كل الاجراءات القانونية والتنظيمية قد تم اتخاذها لتمكين أفراد الجالية من أداء واجبهم الانتخابي في أحسن الظروف''. وفي تعليقه على القرار الذي اتخذته كندا والقاضي بعدم السماح للجالية الجزائرية بالتصويت، أوضح السيد مدلسي أنه (القرار) لا يخص الجزائر فحسب بل يطبق على كل الدول الأخرى، مشيرا الى أن كثيرا من الدول بما فيها الجزائر طلبت ب''إلحاح'' من السلطات الكندية ''احترام القوانين الدولية التي تسمح لنا بتنظيم العملية الانتخابية على مستوى المقرات الديبلوماسية والقنصلية''. وقد اعترف السيد مدلسي بإمكانية إيجاد ''بعض الصعوبات مقارنة بالسابق'' بالنسبة لتصويت أعضاء الجالية الجزائرية المقيمين بكندا، مؤكدا بأن الاتصالات لازالت مستمرة مع السلطات الكندية ل''إيجاد حل يمكن جاليتنا في هذا البلد من مشاركة قوية ومشرفة في الانتخابات التشريعية القادمة''. وفي اطار حديثه عن علاقات الجوار، جدد وزير الشؤون الخارجية تمسك الجزائر بالوحدة الترابية لكل من ليبيا ومالي على إثر التطورات التي شهدها هذان البلدان في المدة الأخيرة. موضحا أن ''ليبيا اليوم بصدد إنشاء مؤسسات جديدة لكن أولوية الأولويات هي قضية الأمن وبالتالي كان من الضروري أن تكون الجزائر موجودة لإرساء تعاون ملموس وفعال من شأنه مساعدة هذا البلد الشقيق على استعادة أمنه واستقراره''. وذكر في هذا الصدد أن وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي كان لهم لقاء على هامش الاجتماع الوزاري للجامعة العربية مؤخرا بالقاهرة وأصدروا بيانا أكدوا فيه على ضرورة احترام وحدة الأراضي الليبية''، مشيرا الى أن موقف الجزائر ''يعزز هذه الوحدة'' لأن هدف الثورة الليبية -كما قال- كان ''تقوية الوحدة الليبية وليس العكس''. وأكد أن التعاون بين الجزائر وليبيا ''دخل في مرحلة ملموسة ونحن ننتظر أن يتعزز هذا التعاون أكثر في الاسابيع القادمة تكريسا للروح الأخوية الموجودة بين الشعبين الشقيقين انطلاقا من الارادة السياسية القوية التي تحدو قادة البلدين''. وبخصوص الوضع في شمال مالي أكد السيد مدلسي أن الجزائر ''كانت ولازالت تلعب دورها بصفة كلية'' من أجل إيجاد حل للنزاع القائم بين الأزواد والحكومة المالية. وأضاف ''أننا نعمل على فتح قنوات الحوار بين كل الأطراف بما فيها الحكومة المالية لحل هذه الأزمة''، مسجلا ''الانشغال العميق'' للجزائر لما جرى في شمال مالي خلال الاسابيع المنصرمة. كما أعرب رئيس الديبلوماسية الجزائرية عن أمله في أن تكون هذه الأحداث الأليمة ''بداية لنهاية العنف في المنطقة وبداية لحوار بين الأطراف والأشقاء لحل المشاكل المطروحة انطلاقا من احترام الوحدة الترابية لمالي''. وأضاف أنه ''لا بد من مجهود إضافي من الحكومة المالية حتى تلبي طلبات سكان هذه المنطقة العزيزة علينا''. وفيما يتعلق بالوضع في منطقة الساحل، اعتبر الوزير أن الأزمة الليبية ''زادت في تعقيد الوضع خاصة مع انتشار الأسلحة وتهريب الأموال''، مشيرا الى أن الجزائر وانطلاقا من هذا الوضع الجديد ''أخذت زمام المبادرة التي سمحت لها بإقناع شركائها الدوليين بأن قضية أمن الساحل تخص بلدان المنطقة بالدرجة الأولى''. غير أن هذا لا يمنع -حسب السيد مدلسي- الشركاء الدوليين من مساعدة بلدان المنطقة من خلال التعاون في مجالات التكوين وتبادل المعلومات والتزود بالأجهزة المتخصصة في محاربة الارهاب. وأكد أن هذا التحرك كان مصدره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا الى ''أننا نعمل بصفة منسجمة مع دول الميدان من أجل تقوية وتعزيز هذه المنهجية بفضل التنسيق فيما بيننا والتعاون مع الشركاء الآخرين''. وعن سؤال حول قضية الصحراء الغربية أعرب رئيس الديبلوماسية الجزائرية عن أمله في أن تأتي الجولة الجديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو ''بشيء من القيمة المضافة يأخذ بعين الاعتبار حق الصحراويين في تقرير مصيرهم مثلما تنص عليه قرارات ولوائح الأممالمتحدة بهذا الخصوص''. وأضاف السيد مدلسي في هذا السياق أن العلاقات بين الجزائر والمغرب تشهد ''انطلاقة جديدة من التعاون الثنائي يشمل أغلب القطاعات''. موضحا بخصوص فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب أن ''هذه القضية موجودة في ذهن الجميع وأنها ستدرس في سياق التطورات الشاملة التي تعرفها العلاقات بين البلدين وستجد حلا يرضي الجميع''. وبشأن الأزمة السورية ذكر السيد مدلسي بالاجتماع الاخير بالقاهرة الذي سمح بتقييم الوضع في سوريا وبإجراء ''تشاور إيجابي'' بين الدول العربية وروسيا في هذا المجال مع التأكيد على ضرورة إنهاء العنف مهما كان مصدره وخلق آلية من شأنها إعادة الهدوء والاستقرار في البلاد وتهيئة الأرضية لانطلاق حوار وطني شامل''. كما شدد على أهمية فسح المجال أمام الجامعة العربية ''حتى تلعب دورها كوسيط في حل الأزمة السورية بدون تدخل أجنبي في هذه الأزمة''. وأوضح في هذا الصدد أن موقف الجزائر من هذه الأزمة نابع من مبدئها القاضي باحترام حرية الشعوب في اختيار قادتها وحكامها وعلى هذا الأساس ''فإننا -مثلما قال- نتعامل مع الدول وليس مع الأنظمة''. وأضاف أن الأزمة السورية ستكون حاضرة في جدول أعمال القمة العربية المقررة نهاية الشهر الجاري ببغداد مؤكدا مشاركة الجزائر في هذه القمة. على صعيد آخر ولدى تطرقه الى التعاون الجزائري البريطاني، أكد السيد مدلسي أن هذا التعاون ''سجل تطورا إيجابيا في أقطاب مختلفة''. مشيرا الى أن ''المشاورات مستمرة في قضايا هامة''. وكشف بالمناسبة عن زيارة ستقوده لاحقا الى لندن بدعوة من نظيره البريطاني السيد وليام هيغ، مضيفا أن هناك اتفاقيات عديدة سيتم توقيعها بين الجانبين تخص مجالات التعاون في قطاعات وصفها ب''الحساسة''.