شرع المجلس الدستوري منذ أمس في تلقي الطعون لكتابة ضبط المجلس وفق ما ينص عليه القانون العضوي للانتخابات،الذي يسمح لمترشحي الأحزاب والأحرار الذين خاضوا الانتخابات بالاعتراض على النتائج النهائية التي أعلن عنها رئيس المجلس السيد الطيب بلعيز خلال 48 ساعة الموالية لإعلان النتائج. وقد حدد المجلس الدستوري نسبة المشاركة الرسمية في الانتخابات التشريعية ب14,43 بالمائة من تعداد الهيئة الناخبة، كما أظهرت النتائج إحداث بعض التعديلات والإضافات في عدد المقاعد المتحصل عليها، حيث فاز حزب جبهة التحرير الوطني ب221 مقعدا بعد ان تم الاعلان في السابق عن حصوله على 220 مقعدا وفق وزارة الداخلية، ليدعم بالتالي مكانته باكتساب مقعد جديد ولا ينقصه في الحصول على الاغلبية (232+1) سوى 12 مقعدا. كما أحرز حزب التجمع الوطني الديمقراطي مقعدين إضافيين ليبلغ عدد المقاعد 70 مقعدا، بينما فقدت القوائم المجتمعة لتكتل الجزائر الخضراء (حركة مجتمع السلم وحركة النهضة والاصلاح) مقعدا واحدا لينخفض بذلك رصيدها الى 47 مقعدا، بعد ان كانت تحصلت على 48 مقعدا في النتائج الاولية. وتميزت النتائج التي زكاها المجلس الدستوري ايضا بفقدان حزب العمال ثلاثة مقاعد مقارنة بالنتائج الاولية وانخفض بذلك رصيده الى 17 مقعدا. وانضم حزب الشباب الى قائمة الفائزين في اقتراع 10 ماي بحصوله على مقعدين بعد ان غاب اسمه من النتائج الاولية. ووفقا لهذه النتائج سيضم المجلس الشعبي الوطني القادم ست مجموعات برلمانية، ويتعلق الأمر بكل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتكتل الجزائر الخضراء وجبهة القوى الاشتراكية والقوائم الحرة وحزب العمال. وتتميز تشكيلة الغرفة السفلى للبرلمان التي ستنصب يوم الاحد المقبل بارتفاع عدد المقاعد من 389 إلى 462 مقعدا وبدخول 9 أحزاب سياسية جديدة للمجلس بمقتضى القانون العضوي الخاص بالأحزاب السياسية. وقد أكد المجلس الدستوري على العموم النتائج التي تحصلت عليها الأحزاب السياسية الأخرى وفق النتائج التي اعلنت عنها وزارة الداخلية والجماعات المحلية سابقا. ويضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الساري طرق الطعن للمترشحين وللأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات التشريعية الاعتراض على نتائج الاقتراع المعلن من طرف المجلس الدستوري عن طريق الطعن. ويخول القانون لكل مترشح أو حزب شارك في الانتخابات الحق في الاعتراض على صحة عمليات التصويت طبقا لأحكام المادة 166 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات. ويتم الاعتراض وفق القانون المذكور بتقديم طلب في شكل عريضة عادية من خلال إيداع طعن بواسطة مجرد طلب وتودع هذه العريضة لدى كتابة الضبط للمجلس الدستوري في غضون ال48 ساعة التي تلي الإعلان عن النتائج. وتحدد المادة 166 من نفس القانون الشروط الشكلية والموضوعية لعريضة الطعن المذكورة وكذا المادتين 37 و38 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري والتى يؤدي عدم احترامها الى رفض الطعون شكلا أو موضوعا. ومن حيث الشكل يجب أن يكون الطاعن مترشحا أوحزبا سياسيا مشاركا في الانتخابات التشريعية بالدائرة الانتخابية المعنية أو من يمثلهم قانونا بتقديم وكالة خاصة لهذا الغرض عند ايداع الطعن. كما ينص التشريع وجوب أن يودع الطعن من قبل أحد أصحاب الصفة المذكورين أعلاه مباشرة لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري خلال الثماني والاربعين (48) ساعة الموالية لاعلان المجلس الدستوري عن النتائج الرسمية. ولدى انقضاء هذا الأجل يفصل المجلس الدستوري في صحة الطعن في غضون ثلاثة أيام. ويمكن للمجلس الدستوري اذا ما اعتبر أن الطعن مؤسس من خلال قرار إما إلغاء الانتخاب محل الاعتراض أو إعادة صياغة محضر النتائج الذي تم إعداده والإعلان عن المترشح الذي تم انتخابه بشكل قانوني. واذا كانت نتائج هذه التشريعيات قد عززت مكانة حزب جبهة التحرير الوطني بفارق كبير عن ملاحقيه هذه المرة، فإن تكتل الجزائر الخضراء يبقى اكبر الخاسرين بعد ان دخل واثقا من الفوز بهذا الاستحقاق، واعتمد في توقعاتها هذه على النتائج التي تحصل عليها الاسلاميون في بعض الدول العربية. غير ان هذه التوقعات لم تكن في محلها بالفوز الساحق للحزب العتيد. ويبقى السؤال مطروحا حول مستقبل هذا التكتل وطبيعة مشاركته في الحياة السياسية للبلاد.