ما حجزته مصالح حراس الحدود بغرب البلاد مؤخرا من سموم المخدرات، يجعلنا نطرح ألف سؤال وسؤال حول مسؤولية أجهزة الأمن بالدولة الجارة التي ''فشلت'' أو ''تظاهرات بالفشل'' في التصدي لبارونات تهريب المخدرات، فأنْ تحجز مصالح الأمن بغرب البلاد ثمانية أطنان دفعةً واحدةً ليس بالأمر الهيّن، لأنه اختراق لمواثيق حسن الجوار والتعاون في مجالات الأمن ومحاربة كل أشكال الإجرام والفساد والإرهاب، بل يمكن أن نصِف هذا ب''التعدي الصارخ على أمننا وسيادتنا الوطنية'' التي يريد أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية ومَن تبعهم من المدمنين أن يضعفونا من الداخل ويجعلوا تراب الجزائر منطقة عبور للتهريب والإرهاب و''سُحت'' مخدراتٍ مصدرها مزارع الجارة المغرب، ألا يعدّ ذلك تعدياً سافراً على مصالحنا واستقرارنا، وهلاّ يعتبر ذلك توريطاً للجزائر حتى تتهم بكونها منطقة عبور خطيرة. لا يمكن إذنْ... إنكار ما تواجهه الجزائر من ضيم ''تدفق السموم'' ومتاعب مراقبته ليلَ نهار، ولا يمكن إخفاء الجهود التي تبذلها مصالح الأمن والمراقبة في الذود عن الحياض، لكن ذلك لا يكفي مادامت الإرادة السياسية لدولة الجوار لم تضع حداً لرياح التهريب ولم تتحمل مسؤوليتها في صدّ هذه الجرائم. ولعلنا نتساءل ألا يمكن اعتبار ''غزو البلدان بالمخدرات المهربة'' أشبه بغزوها بالسلاح والجيوش الجرارة، بل الغزو الأول أخطر لأنه يقتل النفوس ويهلك العقول ويفسد طباع وسلوكات المدمن دون إراقة الدماء ودون ذخيرة ويجعل المدمن ''عبداً مطيعاً لمعبود المخدِّر وعدواً لدوداً لمن يمنعه أو يفطمه''... بل إذا كان من حق الشعوب التي تتضرر من آثار الحروب العسكرية أن تطلب الحرية والأمن والاستقرار في المحافل الدولية، فإنه أيضاً من حق الشعوب المتضررة من آثار المخدرات الوخيمة أن تطالب بحمايتها من هذه السموم التي تصنع مجرمين وقنابل موقوتة في المجتمع.. إذن أمسكوا عنا سمومكم يرحمكم الله وترضى عنكم الشعوب.