لا شك أن حجوزات المخدرات خلال الأشهر الستة الأخيرة التي فاقت كل التصورات، وتمثل أضعاف ما تم حجزه خلال سنتين في الماضي، تطرح أكثر من سؤال.. إنها السوسة التي تنخر مجتمعنا واقتصادنا وتنشر ألف مرض ومرض، وإذا كانت القناطير المقنطرة من المخدرات المهلكات تعني أن أجهزة المراقبة تبذل جهوداً كبيرة من أجل حماية البلاد والعباد، فإن السؤال الذي لا يوجد له تفسير هو لماذا تمعن الدولة الشقيقة في إغراق بلادنا بمثل هذه السموم؟ ولماذا لم تتحرك الجهات الدولية إزاء هذا البلد الذي يحتل المرتبة الأولى في الترويج بستين بالمائة عالميا،ً خاصة نحو دول أوروبا، ويعد مصدر متاعب وهلاك الجزائريين بالدرجة الأولى؟. والأكيد حسب المختصين والملاحظين أن الدول الأوربية التي ضيّقت الخناق على مافيا التهريب داخل ترابها، أرغمت أباطرة السموم على محاولة استعمال التراب الجزائري لتحويل أطنان المهلكات للضفة الأخرى، وهو ما جعل الأمر يتضح خلال الأشهر الستة الأخيرة، مما جعل مصالح الأمن وأجهزة الرقابة تحجز هذا الكم الهائل وما خفي ربما كان أعظم. إن أخطر ما في هذه التجارة هو أنها تجعل متعاطيها والمدمنين عليها عَبَدَةً لها يأتمرون بما تأمرهم عصابات التهريب وتنتهي عما تنهاهم عنه، وأخطر ما تحدق به المخدرات في بلادنا هو عنصر الشباب قوة هذه الأمة والسواد الأعظم فيها، فالمروجون يستهدفون بالأساس الشباب العاطلين عن العمل لاستغلالهم في هذه المهمة القذرة ويجعلون منهم أداة طيّعة لتحصيل أموال السحت على حسابهم. وما تنفقه الدولة من أموال لدعم أفراد المراقبة بحدودنا الشاسعة وتزويدهم بالمعدات والوسائل اللوجيستيكية، يعد هيناً أمام ما تخسره من أموال وأفراد ومؤسسات لو تقشفت في ذلك أو تخلت عنه، فمافيا المخدرات التي أحست بتضييق الخناق في دول أوروبا سوف تبحث عن وضع أقل ضغطاً، وبالتالي فإن التجربة أكدت أن الجزائر هي المستهدف الأول.