تتجه الأنظار اليوم إلى مدينة جنيف السويسرية التي من المقرر أن تحتضن ندوة دولية لبحث سبل إحتواء أزمة سورية تشابكت خيوطها وعجزت المجموعة الدولية عن إيجاد مخرج لها حتى بعد 16 شهرا من إندلاعها. ومخافة فشل اللقاء باشر كوفي عنان الوسيط الدولي في الأزمة السورية سلسلة إتصالات مكثفة على أعلى مستوى مع كافة الدول المعنية على أمل إنجاح الندوة والخروج بما قد يؤدى إلى وقف حقيقي للعنف في سوريا والتمهيد لحوار بين الفرقاء والإنطلاق نحو عملية سياسية حقيقية. وضمن نفس المسعى إلتقت وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون نظيرها الروسي سيرغي لافروف بمدينة سانت بيترسبورغ على أمل إقناع هذا الأخير بضرورة إتخاذ روسيا موقفا إيجابيا من الندوة. وهي التي كانت إعتبرت موافقة روسيا على المشاركة في هذه الندوة بمثابة مؤشر على قبولها مخطط عنان في إطلاق مسار إنتقالي سياسي في سوريا. وهو المسار الذي إقترحه عنان ضمن خطة تسوية جديدة تنص على أنه يمكن للحكومة الإنتقالية أن تتضمن مسؤولين من نظام الأسد والمعارضة "لكنها ستستبعد الذين يمكن أن يزعزع بقاؤهم ومشاركتهم مصداقية المرحلة الإنتقالية ويهدد الإستقرار والمصالحة". وهو ما فسره دبلوماسيون أنه يتعين على الأسد التنحي عن السلطة ولكن من دون إن يعني هذا أن تنحيه سيكون تلقائيا وسينطبق الأمر نفسه على مسؤولي المعارضة. وكانت دول غربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا أبلغت عنان بأنه لا جدوى من المضي قدما في الإجتماع ما لم يتم التوصل إلى إتفاق مسبق حول مقترحاته المتعلقة بهذه المرحلة الإنتقالية في إشارة إلى ضرورة إفتكاك موافقة روسية بخصوص هذا المخطط. وهو ما جعل وزير الخارجية الروسي يوجه رسائل طمأنة بإتجاه المدعوين أن بلاده ترى في مؤتمر جنيف خطوة إيجابية بإتجاه التوصل إلى توافق دولي حول سبل تسوية هذه الأزمة. بالتزامن مع ذلك إجتمع كبار الموظفين في "مجموعة العمل حول سوريا" أمس بجنيف لوضع اللمسات الأخيرة على الإجتماع الحاسم الذي سيبحث خلاله وزراء خارجية هذه الدول في سبل إنهاء النزاع الدائر في سوريا في حين لا يزال البعض يشكك حتى في إمكانية إنعقاد هذا المؤتمر. ودعا عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى عقد ندوة جنيف ووجه دعوات إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى أطراف إقليمية إقتنع بأهمية دورها في إنهاء هذه الماساة. وقال عنان أن المشاركين في الإجتماع سيسعون إلى ضمان التطبيق الكامل لخطته المؤلفة من ستة بنود والتي دخلت حيز التنفيذ في 12 أفريل لكنها شهدت خروقات متكررة من قوات النظام والمعارضة. ويأمل عنان التوصل إلى إتفاق حول الخطوط العريضة لمرحلة إنتقالية سياسية في سوريا "تلبي المطالب الشرعية" للشعب السوري.