دفع الوضع المتردي في سوريا بنصف عدد بعثة المراقبين الدوليين إلى مغادرة الأراضي السورية بعدما أصبحت مهمتهم محفوفة بالمخاطر في ظل التصعيد العنيف لأعمال العنف في هذا البلد والتي حصدت ما لا يقل عن 20 ألف قتيل في ظرف 16 شهرا. وقال هيرف لادسوس، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، أمس، إن نصف مراقبي الأممالمتحدة المقدر عددهم ب 300 عنصر قد عادوا إلى أوطانهم مؤخرا، وأضاف أن مغادرتهم سوريا جاءت وفقا لقرار بتقليص عدد الملاحظين إلى النصف دون أن يكشف عن الجهة التي اتخذت هذا القرار. وانتشر المراقبون الدوليون في سوريا بعد قرار من مجلس الأمن الدولي اعتبارا من أفريل الماضي ضمن مهمة للوقوف على مدى التزام الفرقاء السوريين بوقف إطلاق النار المعلن شهر مارس الماضي ضمن خطوة أولى من خطة التسوية التي طرحها كوفي عنان، الوسيط الدولي المشترك في الأزمة السورية والتي بقيت مجرد حبر على ورق. ويؤكد انسحاب نصف عدد المراقبين الدوليين، الذي جاء بعد قرابة الأسبوع من تمديد مجلس الأمن الدولي لمهتم شهرا إضافيا، درجة التعفن التي بلغها الوضع في سوريا وسط استمرار سقوط المزيد من القتلى مع مرور الأيام. وهو الأمر الذي جعل الجنرال السنغالي بابا كار غاي القائد الجديد لفريق المراقبين الدوليين في سوريا خلفا للجنرال روبرت مود الذي انتهت عهدته يقر بصعوبة مهمته إن لم تكن مستحيلة في بلد أصبح على حافة حرب أهلية مجهولة العواقب. وبينما يبقى العنف سيد الوضع في سوريا، تستمر حرب الاتهامات والاتهامات المضادة بين روسيا والدول الغربية بسعي كل طرف إلى تحميل الطرف الثاني مسؤولية ما وصل إليه حال السوريين الذين وجدوا أنفسهم بين فكي كماشة قوات نظامية لا تفرق بين مدني ومسلح وأخرى منشقة عنها. فقد أدان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مجددا موقف الولاياتالمتحدة من المعارضة السورية، معتبرا أنه “تبرير للإرهاب” واتهم واشنطن بعدم إدانة الاعتداء الذي أودى بحياة أربعة مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى من بينهم وزير الدفاع في دمشق في ال 18 جويلية الجاري. وقال لافروف عن التفجير إنه “موقف رهيب”، وأضاف “إنني أعجز عن إيجاد الكلمات للتعبير عن موقفنا في هذا الشأن”، واصفا الموقف الأميركي بأنه “تبرير مباشر للإرهاب”. كما انتقد رئيس الدبلوماسية السورية تصريحات سوزان رايس، مندوبة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، التي أكدت أنه يتوجب على مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على دمشق، واعتبر تصريحاتها دليلا على أن الولاياتالمتحدة تواصل دعم الأعمال الإرهابية ما دام مجلس الأمن الدولي لا يقوم بما تريد. في هذا السياق، أدانت روسيا، أمس، فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات على دمشق ووصفتها بالخطوة الأحادية الجانبية وأنها لن تكون مثمرة، وقال وزير خارجيتها إن “عقوبات الاتحاد الأوروبي هي في حقيقة الأمر حصار يهدف أساسا إلى تشديد الحصار البحري والجوي على سوريا قصد منع ايصال الأسلحة إلى النظام. وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر الاثنين الأخير تشديد العقوبات على النظام في دمشق، خاصة ما يتعلق بمراقبة الحصار المفروض على الأسلحة في مسعى آخر لتصعيد الضغط على نظام الأسد بعد أن فشل مجلس الأمن الدولي عن تبني قرار في هذا الشأن بسبب الفيتو المزدوج الروسي-الصيني. ووسط استمرار الجدل على الساحة الدولية بشأن الأزمة السورية بدأت ظاهرة الانشقاق سواء من قبل الدبلوماسيين أو العسكريين تتصاعد لتزيد من متاعب النظام السوري، فقد أعلنت أمس لمياء حريري السفيرة السورية في قبرص وزوجها عبد اللطيف الدباع سفير سوريا في الإمارات العربية عن انشقاقهما أمس وانضمامها إلى صفوف المعارضة ليرتفع عدد الدبلوماسيين السوريين الكبار المنشقين إلى ثلاثة سفراء. ويأتي انشقاق هذين الدبلوماسيين في وقت أكد فيه مصدر من وزارة الخارجية التركية وصول جنرالين سوريين انشقا عن الجيش السوري كلاجئين إلى الأراضي التركية، وهو ما يرفع عدد الضباط برتبة جنرال الذين انشقوا عن الجيش السوري النظامي ولجؤوا إلى تركيا إلى 27 ضابطا. بالمقابل، يستمر حمام الدم في السيلان في سوريا بسقوط المزيد من القتلى، حيث أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 160 شخص لقوا مصرعهم خلال أعمال العنف التي شهدتها عدة مناطق سورية أول أمس.