استضافت مدينة بومرداس الأسبوع الماضي تراث وتقاليد ولاية المدية في إطار التبادل الثقافي الذي تعرفه مختلف ولايات الجزائر، بهدف التعريف بالموروث الثقافي للولاية وتشجيع التبادل وتقريب الجيل الجديد من تراث الأجداد والحضارات القديمة، في إطلالة أخرى تقرب المسافات وتختصر الزمن لمن لا يمكنه التجوال في ربوع الوطن... تراث المدية الذي كان ضيف ولاية بومرداس حمل معه عادات وتقاليد المنطقة وكل ما يميز المجال الثقافي للولاية، من شعر وتاريخ ومختلف الأنشطة التقليدية والفرق الفولكلورية، وغيرها من مميزات عاصمة التيطري. وقد صدحت استعراضات فلكلورية من إحياء جمعية تراث الثقافية لولاية المدية في أرجاء دار الثقافة لبومرداس أطربت زوار الدار ممن استمتعوا بأهازيج التراث اللمداني. وهي صورة أخرى من صور التبادل الثقافي ما بين ولايات الوطن. من جهة ثانية تضمن برنامج الأسبوع الثقافي للمدية، عدة نشاطات كمعرض الفن التشكيلي، وكذا صور الولاية وفن الخزف وعرض شريط سياحي ثقافي يعرف بالولاية من مختلف الجوانب. وإلى «المساء» تحدثت نائبة رئيسة جمعية «القلوب النشيطة» حفيظة زواني فقالت إن مهرجان المدية هذا قد حمل معه هدف تعريف سكان بومرداس بجذور وتاريخ المدية والتعريف بمختلف الحقب التاريخية والحضارات والثقافات التي تعاقبت عليها. مشيرة إلى أن المدية كغيرها من ولايات الجزائر لها عادات وتقاليد كثيرة هي التي تجمع العائلات الجزائرية على المستوى الوطني والتي تتميز من منطقة إلى أخرى. فمدينة المدية، أو عاصمة التيطري سابقاً، لها تقاليد عريقة و كثيرة سواء في المناسبات الدينية أو في مناسبات الأفراح المتعددة. كما تحدثت السيدة عن بعض الخصائص المميزة لولاية المدية ومنها تلك الخاصة بإحياء «وعدات» أولياء الله الصالحين حيث تقام بالمناسبة عبر المداشر والقرى بما يسمى «الطعمة» وهو احتفال يرفق بألعاب الفروسية والأنغام والمدائح وذلك في مناطق معروفة في كل من حناشة ومنطقة وزرة وكذلك بمنطقتيّ العيساوة والقلب الكبير. وتشير كذلك إلى حفل محلي خاص ب«عيد العنب» بمنطقة بن شكاو، وعادات أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها...أما عن الأكلات الشعبية فأشارت محدثتنا إلى أن المدية تتميز بالطبخ والحلويات التقليدية الكثيرة ومنها العصبان والكسكسي والبركوكس والبغرير باللوز، وحلوة العنب والمْثقبة، وغيرها من الأكلات الأخرى... وقد تخلل الأسبوع عرض عدة أنشطة جمعت بين التقليد والحداثة على غرار عروض مختلفة للصناعة التقليدية التي باتت إيقونة بارزة للتعريف بخصوصية كل منطقة عن الأخرى وإن كانت في المجمل تتشابه إلى حد كبير بين هذه المنطقة أو تلك، إلا أن الحق يقال فلمسة واحدة تضفي فرقاً واضحاً على الأقل بالنسبة لأصحاب هذه المهن اليدوية على غرار ما يعرف بمنطقة المدية ب «الرافية» وهي سلة تنسج بخيوط من الحلفاء التي تتفنن في إنجازها أنامل حرفيات أحببن الحرفة فأبدعن فيها على غرار الحرفية زهية بقاق التي عُرضت لها سلات من صنع أناملها عرفت بها، وهي التي غابت عن هذا الموعد الثقافي. كما سجلت عديد الإبداعات الفنية حضورها بأسبوع المدية ببومرداس، كالخط العربي والنقش على الخشب وكذا الرسم على السيراميك. هذا الأخير مثله الفنان ولد راوول كمال الذي عرضت له تشكيلة مختلفة جسدت ثقافة المنطقة ومواضيع أخرى جمعت بين القديم والجديد. ونشطت الأسبوع أيضاً فرق فولكلورية معروفة بولاية المدية، منها فرقة التيطري في النوع الأندلسي التي صدحت حناجر أعضائها بمختلف الموشحات وأبدعت في عرض لوحات فنية لمعزوفات تناسقت حناجر الأعضاء في ترديد مدائحها مثلما تناسقت رقصاتهم الإيقاعية، وأطربت الحضور بألحانها الشجية متجاوزة حدود المكان لتصنع صورة جميلة أعجبت الحضور... كما لم تغفل قافلة المدية في زيارتها الثقافية لعاصمة الصخر الأسود عرض الألبسة التقليدية المصنوعة يدوياً وهي في مجملها تتشابه مع تقاليد مناطق عديدة بالوطن مثل صناعة البرنوس والجلابية أو القشابية التي هي في الحقيقة تراث لا يخص منطقة دون أخرى وإنما توجد بربوع الوطن كلباس رجالي لا يندثر ولا يغيب عن الأصالة الجزائرية. هذا بالإضافة إلى جبة المدية التي تشبه إلى حد ما الجبة النايلية ما يوحي مرة أخرى بأن الجزائر وحدة واحدة وما الفرق إلا في تفاصيل صغيرة جداً تكاد لا تؤخذ بالاعتبار.