غادر الأخضر الإبراهيمي الوسيط الدولي المشترك إلى سوريا، أمس، العاصمة دمشق بعد زيارة استغرقت أربعة أيام التقى خلالها بأطراف الأزمة في هذا البلد بمن فيهم الرئيس بشار الأسد. ويعود الموفد الدولي من حيث أتى وسيعمل على وضع أول تقييم لنتائج اتصالاته ضمن خطوة لتحديد المواقف التي يمكن أن تتضمن نقاط التقاء مشتركة وتكون قاعدة لحوار جاد بين المتحاربين. وقبل أن يدلي الإبراهيمي بأي تصريح في ختام مهمته فإن المعارضة السورية المسلحة لم تنتظر طويلا للتأكيد على أن مهمة الموفد الدولي المشترك آيلة إلى الفشل تماما كما حدث مع سابقه الأمين العام الأممي السابق كوفي عنان. وقال العقيد عبد الجبار العقيدي، قائد وحدات الجيش السوري الحر في حلب "إننا متأكدون أن مهمة الإبراهيمي سيكون مآلها الفشل، لكننا لا نريد أن يتم تحملينا مسؤولية هذا الفشل". وبرر العقيد المنشق عن الجيش النظامي السوري موقفه بكون المجموعة الدولية لا تريد مساعدة الشعب السوري في التخلص من نظامه في اشارة إلى الانقسامات التي طبعت مواقف مختلف القوى الدولية الفاعلة التي "ترفض معاقبة النظام القائم في دمشق". وأدلى المسؤول العسكري عن المعارضة المسلحة السورية بهذه التصريحات بعد محادثات تمت عن بعد بواسطة كاميرات "سكايب" عبر شبكة الأنترنت بين الإبراهيمي وقيادات المعارضة وشارك فيها أيضا العقيد قاسم سعد الدين، الناطق باسم الجيش السوري الحر في الداخل، إضافة إلى العقيد خالد حبوس رئيس المجلس العسكري المعارض في العاصمة دمشق. وجاء الكشف عن هذا الموقف المتشائم رغم أن العقيد عبد الجبار العقيدي أكد أن المحادثات أولية ومازالت في بداياتها وأنها تناولت فقط الوضع السوري في إطاره العام وعمليات التدمير التي طالت المنشآت الحيوية في مختلف مدن البلاد بسبب القصف الجوي والمدفعي للقوات النظامية المسلط عليها منذ تسعة عشر شهرا. ويبدو أن المعارضة السورية المسلحة لم تعد تؤمن سوى بلغة السلاح كوسيلة وحيدة من أجل الإطاحة بنظام الرئيس الأسد بعد أن أكدت أن عائلة الأسد استولت على السلطة قبل أربعين عاما بالقوة ويتعين إرغامها على الرحيل بالقوة أيضا، وهو ما يعني بطريقة تلقائية أن أطياف المعارضة السورية أقفلت باب الحوار والمساعي الدبلوماسية لصالح مواجهة القوة بالقوة. وكان كوفي عنان، المبعوث الدولي السابق، قد واجه نفس المواقف المتصلبة وتشبث كل الفرقاء بمواقفهم بشكل زاده قناعة أنه يدور في حلقة مفرغة وأن الخطة التي وضعها لن ترى النور واضطر في النهاية إلى تقديم استقالته والانسحاب من معالجة مأزق أمني بخلفيات وحسابات استراتيجية لا يمكن تسويته في ظل تنافر مواقف أطرافه. ويوجد الإبراهيمي منذ الخميس الماضي في سوريا وقد تعقدت الأزمة، لكنه قبل المغامرة على أمل بلوغ هدفه بإجلاس الفرقاء إلى الطاولة حتى وإن كان مقتنعا حتى قبل الشروع في مهمته أنها ستكون صعبة ومحفوفة بكل المخاطر بما فيها الفشل، لكن مادام الأمر يتعلق بالشعب السوري فإن خوض التجربة يهون من أجله.