يلتقي كوفي عنان الموفد الدولي المشترك في الازمة السورية اليوم بالرئيس السوري بشار الأسد بالعاصمة دمشق التي وصلها أمس في مهمة لتقييم الأوضاع بعد شهر ونصف منذ إقرار وقف إطلاق النار شهر أفريل الماضي. ولأنه يتعذر التكهن بنتائج زيارة كوفي عنان إلى سوريا بسبب دموية الأوضاع إلا أن المؤكد ان لقاء الأسد-عنان سيحدد طبيعة التعاون المستقبلي بين الحكومة السورية والمجموعة الدولية خاصة بعد مجزرة مدينة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل بينهم 50 طفلا. وكانت أصابع الاتهام جميعها وجهت إلى السلطات السورية رغم مسارعة هذه الأخيرة إلى نفيها وتحميل المعارضة المسلحة مسؤوليتها. وقبل لقائه الرئيس الأسد التقى كوفي عنان أمس بوزير الخارجية وليد المعلم والجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا إضافة إلى برمجته للقاءات مع قادة المعارضة وممثلي المجتمع المدني. وبمجرد وصوله إلى مطار دمشق عبر الوسيط الدولي عن صدمته وذهوله للمجزرة التي وقعت بمدينة الحولة قبل يومين وتبادل على إثرها الفرقاء السوريون من سلطة ومعارضة الاتهامات بشان المسؤول عنها. وقال الأمين العام الاممي السابق ''لقد جئت إلى سوريا في لحظة حرجة من هذه الازمة...وأنا شخصيا مصدوم من هول وبشاعة الحادث المأساوي في الحولة''. ولأن عنان وجد نفسه أمام حقيقة واقع مرعب وقد تشابكت خيوطه فانه لم يجد من وسيلة لإنقاذ مخططه للتسوية المهدد بالفشل سوى توجيه مزيد من الدعوات للحكومة السورية والمعارضة على السواء لتطبيق بنود الخطة التي بقيت مجرد حبر على ورق. وهو ما جعله يناشد الأطراف المتحاربة في هذا البلد إلى وضع حد للصراع ووقف نزيف الدم حيث قال ''هذه رسالة سلام أوجهها للجميع لكل شخص يحمل السلاح''. ويخشى متتبعون لملف الازمة السورية من أن يرمي الغموض حول مصادر أعمال العنف وتبادل الاتهامات بضلاله بين السلطة والمعارضة على مهمة عنان وتزيد من تعقيدها وحذروا من أن فشل خطته قد يدفع بسوريا إلى متاهة حرب أهلية مجهولة العواقب. ويرى هؤلاء ان التأخر في التطبيق الكامل والفوري والنزيه لخطة عنان سيكون من شأنه استمرار وتصاعد عمليات القتل والعنف ضد المدنيين وسيكون له عواقب كارثية ليس على استقرار سوريا فحسب بل على استقرار المنطقة بكاملها. وفي الوقت الذي يسعى فيه عنان إنقاذ مخططه من الفشل جددت روسيا أمس موقفها الرافض لاستهداف الحكومة السورية وطالبت الدول الغربية بالتوقف عن السعي للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقاء مع نظيره البريطاني وليام هيغ ''يجب ان يعمل الفاعلون الدوليون من اجل تطبيق مخطط عنان وليس تغيير النظام''. وبرر لافروف موقف بلاده الداعم لدمشق بالقول إنها ''لا تدعم الحكومة السورية وإنما تقف إلى جانب مخطط كوفي عنان'' لتسوية أزمة مستمرة منذ أكثر من 14 شهرا. وفي رده على الموقف الروسي اعتبر وزير الخارجية البريطاني انه يتوجب على موسكو الضغط أكثر على الحكومة السورية لحملها على الامتثال لمطالب المجموعة الدولية. والى غاية الآن حالت روسيا دون تمكن مجلس الأمن الدولي من استصدار قرار يدين الحكومة السورية في أعمال العنف المستفحلة في البلاد ويطالب الرئيس بشار الأسد بالرحيل. وهو ما جعل مجلس الأمن الدولي يكتفي أول أمس بإصدار بيان غير ملزم يطالب الحكومة السورية بسحب الأسلحة الثقيلة من المناطق السكنية وإعادتها إلى الثكنات من دون إدانتها.