اغتنم ممثلون عن الجالية الجزائرية المقيمة في تونس تواجد وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، في هذا البلد لطرح جملة من الانشغالات والاشكاليات، التي يعانون منها والمتعلقة عموما بمسائل الاقامة والعمل والتملك، كما عبر آخرون عن تطلعهم لاستعادة أراضيهم ذات الطابع الفلاحي أو العقاري، التي جردوا منها إبان عهد النظام التونسي السابق، حيث تحولت ملكياتهم إلى سجون أو مستشفيات دون استفادتهم من أي تعويض حسبهم. وبهذه المناسبة، طرح ممثلو الجالية الجزائرية جملة من الانشغالات والاشكاليات في اللقاء الذي جمعهم، أول أمس، بوزير الخارجية السيد مراد مدلسي، الذي يقوم بزيارة عمل إلى تونس بمناسبة انعقاد أشغال الدورة السابعة للجنة التشاور السياسي بين البلدين، حيث طرح بعض المتدخلين مشاكل تتصل بالحق في الاقامة أو تجديدها، فيما أثار البعض الاخر إشكاليات الحصول على رخص العمل التي تعتبر إجبارية بغية الحصول على الاقامة بينما عبر مواطنون عن معاناتهم لاستحالة حصولهم على عقود الملكية العقارية حتى بعد اقتنائها. وحسب أعضاء من الجالية الجزائرية المقيمة في تونس فإنهم لم يتمكنوا لغاية الساعة من الاستفادة من عقود الملكية لما ورثوه عن آبائهم أو أجدادهم من أملاك وممتلكات مختلفة، أي أن المالك بمجرد وفاته لن يكون بإمكان الورثة الحصول على صفة الملاك على حد قولهم. وطالب مواطنون آخرون بحقهم في “الرفع” من قيمة المعونات المالية المخصصة للعائلات المعوزة التي توزع على مستوى القنصليات الجزائرية (تونس - قفصة - الكاف) والتي “لا تكفي لسد حاجياتهم أمام غلاء المعيشة وقلة الدخل”. ووعد وزير الشؤون الخارجية أعضاء الجالية الجزائرية المقيمة بتونس بمتابعة هذه القضايا والسعي لايجاد الحلول لها بشكل تدريجي كما وعد بنقل هذه الانشغالات الى السلطات التونسية المعنية بمثل هذه الشؤون. وبخصوص المعونات المالية، أبرز أن هذه المشاكل الاجتماعية لا يمكن حلها بمجرد عقد جلسة واحدة، كونها تتطلب العمل المتواصل، موضحا أن دائرته الوزارية ستسعى من أجل تقديم المزيد من المساعدات المالية الاضافية، مع دراسة كل الملفات بدقة متناهية بصفة شفافة وواضحة. وتدخل سفير الجزائربتونس السيد عبد القادر حجار، ليؤكد أن السلطات التونسية تبنت رسميا إجراءات جديدة لفائدة الرعايا الجزائريين المقيمين بتونس، تتعلق بالحق في الملكية وفي مزاولة النشاطات المهنية والإقامة . وأوضح الدبلوماسي الجزائري، أن الجهات الرسمية التونسية أطلعته على العديد من الملفات الخاصة بتجديد الإقامات أو قبولها لفائدة المواطنين الجزائريين المقيمين فوق التراب التونسي. كما قامت ايضا بإلغاء رخص العمل والتملك التي كانت إجبارية في عهد النظام السابق. ولفت السفير الجزائري إلى أنه أجرى اتصالات على أعلى المستويات في تونس بخصوص المسائل المتصلة بالاقامة والعمل والتملك وأن المسألة تتعلق فقط بإجراءات إدارية تطبيقية وباشكال التنفيذ. ومن جهة أخرى، نقل وزير الشؤون الخارجية -لاعضاء الجالية الجزائرية المقيمة بتونس- صورة عن التطورات الحاصلة في وطنهم الام، مبرزا المكاسب التي تحققت على درب المسار الديموقراطي والتي تتجلى في حضور أكثر من 60 حزبا على الساحة السياسية جلها تشارك في الانتخابات البلدية والولائية القادمة فيما مثل28 حزبا في المجلس الشعبي الوطني علاوة على 6 أحزاب ممثلة في الحكومة الحالية. وذكر بأن الحملة الانتخابية تجري في أجواء من الهدوء والسكينة وأن كل التسهيلات والمعلومات قدمت للناخبين كي يتسنى لهم اختيار ممثليهم في المجالس البلدية والولائية. وفي المجال الاقتصادي والاجتماعي فإن الجزائر حافظت على مستويات اقتصادية “جيدة” فيما عرفت الجوانب الاجتماعية قفزة نوعية كالعمل والتشغيل والتكوين والتعليم والسكن والصحة وكل ما يتصل بتحسين حياة ومعيشة المواطنين حسب تصريح السيد مدلسي. لكن هناك تحديات أكبر وجب رفعها والمتمثلة في المضي قدما نحو تكريس اقتصاد متنوع والتركيز على مردودية قطاع الخدمات مع المحافظة على وضعية الجزائر كبلد فرض وجوده في الساحة العالمية كمصدر للطاقة وفق ما اكده وزير الشؤون الخارجية. وفي معرض حديثه عن الاقتصاد البديل ركز على تطوير انتاج مواد البناء والاهتمام أكثر بالطاقات المتجددة وتطوير الزراعة ودعم قطاع السياحة بغية تنويع الاقتصاد الوطني والخروج من دائرة التبعية للمحروقات. من جهة أخرى، استقبل وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أول أمس من طرف رئيس الحكومة التونسية المؤقتة السيد حمادي الجبالي. وأكد السيد مراد مدلسي عقب هذا الاستقبال أن المباحثات تمحورت حول السبل الكفيلة بتطوير التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية، مبرزا الارادة السياسية المشتركة من أجل تجسيد العديد من المشاريع التنموية الثنائية. كما أبرز تطابق وجهات نظر الجانبين بخصوص القضايا المغاربية والاوضاع السائدة في مالي. وبدوره، أشاد وزير الخارجية التونسي السيد رفيق عبد السلام، الذي حضر هذا الاستقبال بالحجم الذي بلغته المبادلات الاقتصادية بين البلدين والذي ارتفع بنسبة 93 بالمائة.