جددت الجزائر، أمس، تأييدها غير المشروط للكفاح المشروع للشعب الفلسطيني، اقتناعا منها بأن الخطوة التاريخية التي تم تسجيلها في إطار الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب غير دائم في الجمعية العامة للأمم المتحدة تحمل إنجازات لاحقة، مشيرة إلى أن هذا التصويت الاخير أضفى الشرعية وبصفة لا لبس فيها على فلسطين بعد 24 سنة من إعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 بالجزائر. جاء ذلك خلال الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف تاريخ 2 ديسمبر من كل عام، والذي احتضنته وزارة الشؤون الخارجية، بحضور وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي والمنسق المقيم للامم المتحدةبالجزائر السيد ممادو مباي وممثلي السلك الديبلوماسي المعتمد في الجزائر. وفي هذا الصدد، اكد السيد مراد مدلسي في كلمة القاها بالمناسبة استعداد الجزائر للمساهمة في تدعيم آفاق جديدة "حاملة لآمال ولكن أيضا لتحديات ومسؤوليات" بعد هذه الخطوة الايجابية المنصبة في إطار نضج مسار انضمام فلسطين لمنظمة الاممالمتحدة، مشيرا إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب إرادة وإيمان اومضاعفة الجهود من طرف كل الشركاء من أجل حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي تظل في صلب مشكلة الشرق الاوسط. وإذ قال أن الجزائر تشارك فرحة الشعب الفلسطيني الذي أطلق العنان لابتهاجه بمجرد صدور القرار التاريخي للجمعية العامة للامم المتحدة، فقد أدان رئيس الدبلوماسية الجزائرية وبشدة اعلان اسرائيل عن بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية واحتجاز المداخيل الضريبية العائدة للسلطة الفلسطينية، مضيفا أن وقف سياسة الامر الواقع الانتحارية والارض المحروقة التي تنتهجها اسرائيل يعتبر تحديا للمجموعة الدولية. وفي إطار حديثه عن اولويات معالجة القضية، اشار الى ضرورة اطفاء بؤر الاضطرابات والاستجابة للتعطش الكبير للفلسطينيين الذين يتطلعون بكل شغف للعيش بكرامة وفي سلام ضمن دولة سيادية قابلة للحياة، وفي هذا الصدد دعا السيد مدلسي إلى مساعدة الرئيس محمود عباس لانجاح رهانه على تحقيق سلام تفاوضي، حيث سبق أن أعلن عن ذلك مجددا وبصفة رسمية امام الشعب الفلسطيني والجمعية العامة لمنظمة الاممالمتحدة، مؤكدا أن هذه القناعة تعد فرصة حقيقية لاعادة بعث مسار السلام. كما أشار الى ضرورة الاستفادة من حيوية الدبلوماسية المتعددة الاطراف لازالة العراقيل القائمة على المسار "الذي ينتظرنا نحو السلام الدائم والعادل"، مؤكدا أن الوضع يتطلب التزاما صادقا جديدا من كل الشركاء دون استثناء. غير أنه يرى بأنه من الاهمية بمكان أن يضاعف الفرقاء بفلسطين جهودهم لطي وبصفة نهائية صفحة الانقسامات التي أضرت بوحدة الشعب الفلسطيني وأمته وبانسجام كفاحه. كما أكد الوزير في هذا السياق بأن الشعب الفلسطيني "يطالب بأن يحميه القانون من هذا الاختلال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري الذي يعاني منه والذي أصبح لا يطاق". متسائلا في هذا الصدد "ألم يحن الوقت للتذكير بمبادرة السلام التاريخية التي أعلنتها القمة العربية ببيروت سنة 2002 وتم تأكيدها في قمة الجزائر 2005 والتي قضت بانسحاب اسرائيل من كل الاراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ 1967 مقابل الاعتراف بدولة اسرائيل". وقال بأن هذه الخطة التي تتضمن قيام دولة فلسطين المعترف بها في حدود 1967 بعاصمتها القدس "تستجيب لتطلعات الفلسطينيين في العيش ضمن دولة قابلة للحياة وذات سيادة كما تقترح وضع حد للصراع الاسرائيلي-العربي مقابل استرجاع كل الاراضي العربية المحتلة من قبل اسرائيل منذ 1967. من جهته، أشاد سفير دولة فلسطينبالجزائر السيد حسين عبد الخالق بالدعم الذي قدمته الجزائر للقضية الفلسطينية، مضيفا أن الجزائر جسدت سياستها التضامنية مع الشعب الفلسطيني. وأوضح أن قرار التصويت الاخير للجمعية العامة على فلسطين يشكل إنجازا مهما في تاريخ القضية الفلسطينية وعزز مكانتها الحقيقية مما يشكل انتصارا للحق والعدل وحرية الشعوب، مضيفا أن القرار سيكون حافزا للعمل والحصول على العضوية الكاملة أمام انتهاكات الكيان الصهيوني. كما أشار إلى أنه آن الاوان لان يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية شريطة أن يحظى بدعم المجموعة الدولية في ظل تمسك اسرائيل بسياستها العدوانية، وهو ما يستدعي أيضا مواصلة الشعب الفلسطيني لكفاحه ونضاله لان الطريق مازال صعبا. مؤكدا ان المرجعية لاي مفاوضات لاحقة يجب ان تستند الى الشرعية الدولية. من جانبه، نوه المنسق المقيم للامم المتحدة السيد ممادو مباي بالدور الاساسي التي تقوم به الجزائر من اجل القضية الفلسطينية، مؤكدا ان المفاوضات تبقى افضل وسيلة لتسوية النزاع والوصول الى سلام حقيقي وبناء علاقات ودية مبنية على اساس حقوق الشعوب واحترام حقوق الانسان .واغتنم السيد مباي المناسبة للتنديد بشدة العدوان الاسرائيلي على غزة، داعيا إسرائيل لوقف بناء المستوطنات لاعطاء نفس جديد للجهود الجماعية.