غص قصر الثقافة مفدي زكريا مؤخرا، بعشاق الفن الهندي الذين جاءوا لمشاهدة العرض الذي قدمته فرقة “بوليود” الهندية، رفقة فنانها الكفيف الذي حباه الله صوتا دافئا، حيث كان الجمهور على موعد مع أغاني النجم العالمي شاروخان، وقدمت الفرقة مجموعة من أغانيه الفنية المستقاة من آخر أعماله، ومنها؛ “أنا خان”، الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا... والذي يعرض قصة حب بين شاب مسلم مصاب بالتوحّد، يتزوج من امرأة هندية مقيمة في أمريكا ولديها طفل، يتم قتله من طرف مراهقين بسبب التعصب، فتطلب الزوجة الطلاق بقوة، وتطرده من حياتها، لكن بما أنه “متوحّد”، طلب ما يمكن أن يقدمه لها لتعفو عنه، فقالت: “قابل الرئيس أوباما واخبره أنك مسلم”، وهو الأمر الذي يفعله الشاب ويتعرض لمختلف أنواع العذاب والمكر حينها، في صورة تظهر التناقض والظلم ورفض الواقع”... إنه الفيلم الذي يعرفه الجزائريون جيدا، فقد ردد بعض الشباب أغانيه باللحن والكلمة، علاوة على التجاوب الكبير الذي لقيه المطرب الشاب أنكور غيبتا وزميلته أرشيتا شارما عند أدائهما لأغنية “جانيتو”، أغنية التواصل والحب التي يعشقها معظمنا... حينها، حدثني رجل انتشى طربا مع ألحانها عن أيام زمان، حيث كان الشباب الجزائري يقف في طوابير أمام دور السينما ليشاهد الأفلام الهندية التي كانت تعتبر متنفسا حقيقيا لهم، مشيرا إلى أنه تعلم اللغة الهندية بكل طلاقة من خلال الأفلام التي شاهدها، كما طار فرحا عند تقديم الفرقة لأغنية “ليمورة” أي الليمونة الصغيرة، حيث ارتدت الراقصة “ساري” هندي باللونين الأصفر والأخضر، وقدمت عرضا ساحرا أوهم الحضور أنهم في قلب بومباي، وعلى ضفاف نهر السينج، علما أن القاعة اكتظت عن آخرها، إذ جلس الحضور على الأدراج، واضطر آخرون إلى الوقوف طيلة ساعتي العرض. هي صور تشير إلى مدى اهتمام وعشق الجزائري لكل ما هو رومانسي، حاني وفني، حيث طالب الحضور بتكرار مثل هذه التظاهرات الفنية، لأنه بحاجة إلى مثل هذه العروض التي تحمل عبقا من الماضي، حنينا لأيام الجمال وعطشا فنيا يؤكد قمة الذوق الفني الذي يعمل أشباه الفنانين على إفساده.