تشير دراسة متخصصة صدرت مؤخرا، أن صعوبات التنقل والازدحام في كبريات مدن العالم تسبب خسارة نحو 266 مليار دولار سنويا. وتشير إلى أن حركية الأشخاص هو مفتاح التطور والاستقرار الاقتصادي لأي بلد، إلا أن النمو الديموغرافي، وبالتالي ارتفاع حدة التنقل الحضري والاكتظاظ الناجم عن ذلك، يؤدي إلى إعاقة عامة للمصالح الحيوية في أي بلد. أصبحت الاختناقات المرورية في مدننا هاجسا يؤرق المجتمع ككل، وتزداد حدة السنة تلو الأخرى دون أية حلول واقعية لها، فمدننا مثل بقية مدن العالم، تعاني مشكلات تنقل متجذرة تؤثر سلبا في حركية النقل والتنقل من مدينة إلى أخرى، بل من نقطة إلى أخرى ضمن المدينة الواحدة! وإن تعددت الأسباب في ذلك، ومنها النقائص الكثيرة في نظام النقل عموما، بما في ذلك نقص التجهيزات ووسائل النقل، النوعية واهتراء شبكات الطرق ونقص عامل التوعية لدى المجتمع، جعلت المدينة في الجزائر تعاني اختناقات مرورية تصل بالفرد إلى حد الأزمات النفسية الحادة، كما قد تجعل مدننا لا تختلف في هذا السياق عما تعانيه المدن الكبرى في مختلف دول العالم، إلا أن تلك الدول أخذت زمام المبادرة واستطاع بعضها تنمية وتوفير وسائل حديثة وتنظيمات وتشريعات مدروسة للنقل الخاص والعام، ومن ذلك الدراسة المتخصصة لقسم النقل بمؤسسة ”رولاند برغر” التي توصلت إلى اقتراح حل لفك الخناق على كبريات مدن العالم، وأطلقت عليه تسمية ”ربط النقل والتنقل بخدمات التكنولوجيا متعددة الوسائط”، أي جعل مختلف وسائل النقل، بما فيها الفردية، متصلة ببعضها البعض مثل الشبكة العنكبوتية، لضمان تقديم خدمات نقل نوعية للأفراد بالمدن وتوفير عناء البحث عن وسيلة نقل توصله من مكان لآخر، وهو ما قد يسبب له هدرا للوقت وضياع المصالح. وتشير الدراسة إلى أنه، وبالرغم من أننا نعيش في عالم يعتمد على الاتصالات ووسائطها، إلا أن التنقل الفردي يبقى السمة الطاغية على ذات العالم، والسبب يكمن في غياب الإعلام الجيد حول وسيلة النقل الأجدى، في الوقت الذي نرغب فيه القيام بالتنقل من النقطة ”أ” إلى النقطة ”ب”، يشير الخبير ”كزافيي ايمونود” من قسم النقل بمؤسسة ”رولاند برغر”، التي تقترح بالمقابل أن يتم الربط بين مختلف وسائل النقل من سيارات ”تاكسي”، سيارات فردية، حافلات ووسائل النقل الجماعية ببعضها.. حتى يتمكن الأشخاص من استعمال أية وسيلة منها في تنقلاتهم في أية نقطة يتواجدون بها. طريقة ربط وسائل النقل المتنوعة هذه سيكون لها إيجابيات كثيرة، لا سيما على صعيد الحفاظ على البيئة، ولكن أيضا على نوعية الحياة، حيث ستسمح باقتصاد 266 مليار دولار سنويا، لاسيما في المدن الكبرى التي يصل عددها ال 30 عبر العالم، بحسب ذات الدراسة. ويوضح معدو الدراسة أن العمل على ربط وسائل النقل بوسائل الاتصال متعددة الوسائط، لا سيما الهواتف الذكية قد دخل فعلا حيز التنفيذ، لاسيما وأن هناك أكثر من مليار هاتف ذكي في العالم، مما سيسمح بتثمين واضح لهذه الخطوة، خاصة وأن هذه الهواتف الذكية تسمح بالوصول إلى المعلومة في لحظتها في الوقت الحقيقي لها، مما يعني مضاعفة توقعات الدراسة بالضعف خلال السنتين المقبلتين. من جهة أخرى، يشير مهندسو الدراسة إلى أن مختلف شركات النقل بإمكانها المشاركة في مشروع ”ربط النقل والتنقل”، بما فيها شركات النقل بالسكة الحديدية وشركات الطيران بكل شبكاتها الدولية، إلى جانب كل متعاملي شبكات الاتصال المزوّدين بالأنترنت الذين يظهرون في موقع جيد لتجميع الخدمات المختلفة لعدة متعاملين للتنقل عن طريق إعلانات وحيدة ومباشرة. جدير بالإشارة إلى أن مصالح الأمن العمومي بالجزائر كانت قد أشارت في وقت سابق في دراسة ظاهرة، الازدحام المروري بمجتمعنا وأثاره الاقتصادية والنفسية على المجتمع، إلى أن السائقين يضيعون 10 ملايين ساعة سنويا بسبب الازدحام، هذا، ناهيك عن الضغط النفسي الذي تسببه ذات الظاهرة للسائقين، والذي قد تنتج عنه عدة أمراض مزمنة وأخرى نفسية، كارتفاع الضغط، أمراض القلب والاكتئاب الحاد.