كرّم أمس اتحاد الكتّاب الجزائريين بمقره الأديبة زهور ونيسي بوسام الاستحقاق الثقافي عرفانا لما قدّمته طيلة 50 عاما من الإبداع والنضال، وحضر التكريم الكثير من المبدعين والمثقفين وبعض ممثلي فروع الاتحاد الذين ضاقت بهم قاعة المقر. بعد الاستماع إلى النشيد الوطني، افتتح اللقاء الشاعر الأديب لعراجي الذي رحّب بالحضور خاصة من أبناء الاتحاد الذين طال غيابهم لأسباب عدّة، لتعيدهم زهور ونيسي من خلال هذا الحفل ومن خلال ثقلها إلى بيت الاتحاد. من بين الحاضرين كان الدكتور العربي الزبيري، رئيس الاتحاد الأسبق والشاعر محمد زتيلي ممثل وزيرة الثقافة. وذكر المتحدث، أن هذا التكريم دأب الاتحاد على تنظيمه منذ 3 سنوات، ففي كل سنة يمنح وسام الاستحقاق لأسماء قدمت إضافات متميزة للساحة الأدبية. من جهته، أكد رئيس الاتحاد يوسف شقرة على وجوب حضور الحب والتسامح الذي هو من سمات هذا الوطن، متوقفا عند خصال السيدة زهور ونيسي التي -كما قال- “تحسّسنا دائما بحب الوطن والأمومة الجميلة، كما أشار إلى أنّ الوزيرة خليدة تومي بسطت يدها كل البسط للاتحاد دعما معنويا وماديا، وجعلت الاتحاد وأبنائه يقفون على أرض صلبة، كما رحب شقرة بالعربي الزبيري واصفا إياه “بالرئيس الأسبق والحاضر وهو صاحب مبادرة خير، يزرعها الآن، نتمنى أن يرعاها لتعطي أكلها”، ليؤكد على أنّ هذا الوسام يمنح كل سنة لشخصية ذات تجربة أدبية وفكرية أو عن كتاب أحدث حراكا ثقافيا خلال نفس السنة، كما استحدث -حسبما صرح به شقرة- هذه السنة وساما للإعلام الوطني المدعم للثقافة الوطنية، وسيكرم أيضا رؤساء بعض الفروع أو أعضاء منها. الشاعر محمد زتيلي ممثل وزيرة الثقافة والعضو السابق بالاتحاد، نقل تحية السيدة خليدة تومي إلى ونيسي اللتين يجمعهما الاحترام المتبادل، كما عبّر عن عودته إلى مقر الاتحاد الذي لم يدخله منذ 1985 والذي يسترجع اليوم عافيته، تحدث زتيلي عن الكتاب الأخير لونيسي الذي هو عبارة عن مذكرات، وقال إنها عمل صعب لكنه يشق الطريق لكثير من الكتاب المترددين لكتابة مذكراتهم، لأنهم الأقدر عليها عكس السياسيين مثلا . من جهته، فضل الأديب علي بوزوالغ كتابة كلمة تلخص مسيرة ونيسي، هذه المرأة المتسمة بالطموح، وأشار “لقد برزت ككاتبة في زمن لم يكن فيه كاتبات ووزيرة، في زمن لم يكن فيه وزيرات، وفتحت للجزائريات باب القيادة والمسؤولية، المرأة التي ربطت بين الحداثة والأصالة، إنها خريجة المدرسة الباديسية المحافظة، المرأة التي اقترحت اسم مالك حداد ليرأس الاتحاد في مؤتمره التأسيسي الأول، لقد إنطوت هذه الأديبة طوال مشوارها تحت راية واحدة هي راية الشهداء وبقيت وفيه لها، تعالت على الذات وتهميش الآخر والتفتت إلى العمل والإبداع وإلى التعليم، فتلميذاتها اليوم مبدعات ووزيرات”. بعدها مباشرة، تقدم السيد محمد زتيلي وأعضاء من الأمانة الوطنية للاتحاد (المجتمعين منذ أول أمس إلى اليوم، ليقدموا حصاد أشغالهم) لتكريم السيدة ونيسي. ومن خلال تقديم وشاح الاتحاد والوسام وشهادات تقديرية، تقف المكرّمة على منبر الاتحاد لتقول كلمتها التي من ضمن ماجاء فيها “باسم كامل أديبات ومبدعات الجزائر وباسم كل من خطت كلمة في هذا الوطن، أقدم شكري للاتحاد، أفتخر بهذا التكريم، لأنني لا أرى في الاتحاد جمعية صغيرة مبتدئة، بل أراه المنبع للثقافة فهو تنظيم كان له دوره في نشر واحتواء الثقافة الجزائرية المناضلة” لتضيف قائلة، كنت دائما أرعاه وأقدم له العناية اللازمة ولو معنويا خاصة في الأوقات الصعبة، اليوم أنا سعيدة أن أراه حيا بشبابه الصامد رغم كل الظروف، أتمنى أن يعود لدوره فهو النهر الذي تصبّ فيه الروافد وتحسن فيه الثقافة لبناء الوطن، فالكتابة قناعات وطقوس مافتئت تتباين وتختلف بين الكتاب والأزمنة والأمكنة، بالنسبة لنفسي أردتها كلمة بناءة لاتهدم، كلمة حب ليست غلا أو حسدا أو تصفية حسابات، كلمة حرية تقف عند حرية الآخرين، إنّ الثقافة نضال في مستوى الفكر ونقلة نوعية من المجتمع المتخلف المتقوقع إلى مجتمع حي وساخن - حسب التعبير الأنتروبولوجي- الثقافة هي أساس كل المشاريع لتبقى الجزائر جزائر الشهداء لا تقبل التبعية لأي كان، “أمّا الحداثة فهي عند الزهور ونيسي، النظر إلى الماضي برؤى أخرى تبرز الإيجابيات للوصول إلى الهوية. تلا التكريم قراءات شعرية تصدرتها الشاعرة لطيفة حساني من فرع بسكرة، التي قرأت فأبدعت، مما جعل ونيسي تقبّلها على جبينها وتكرّمها.