تعكس التصريحات المتناقضة للمسؤولين الفرنسيين بخصوص الحرب في مالي، على وجود غموض في حقيقة ما تم إنجازه على الأرض، في إطار نتائج عملية "سيرفال"، بما يؤكد استمرار حالة اللااستقرار في هذا البلد. وذهبت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بالعاصمة باماكو، أمس، إلى نقيض تأكيدات الرئيس فرانسوا هولاند بالعاصمة المغربية، عندما أكد اضطرار باريس إلى الإبقاء على حوالي ألف عسكري في هذا البلد إلى غاية نهاية العام الجاري. بينما قال الرئيس الفرنسي بقرب انتهاء المهمة العسكرية لقوات بلاده في هذا البلد. وقال فابيوس، مؤكدا، لنظيره المالي تيمي كوليبالي، إن بلاده لا يمكنها الانسحاب بين عشية وضحاها وأنها ملتزمة بمواصلة المهمة التي شرعت فيها. وحل رئيس الدبلوماسية الفرنسية، أول أمس، بالعاصمة باماكو، في زيارة هدفها الرئيسي تشجيع المصالحة بين الماليين في الشمال والجنوب، وأيضا حث السلطات المالية على الإيفاء بالتزاماتها في تنظيم انتخابات عامة شهر جويلية القادم. وهي الانتخابات التي تصر فرنسا على تنظيمها في موعدها المحدد، من أجل إعطاء المصداقية لعملية "سيرفال" التي لم تتضح نتائجها حتى بعد ثلاثة أشهر من اندلاعها. وهو ما سيؤثر قطعا على سير هذه الانتخابات بما قد يجعل السلطات المالية غير قادرة على الإيفاء بالمواعيد الانتخابية التي التزمت بها، بسبب عدم اتضاح الرؤية العسكرية في جنوب البلاد. ويتأكد ذلك مع استمرار نزوح الماليين وبأعداد كبيرة إلى دول الجوار، بما يؤكد عدم نجاح القوات الفرنسية في كسب ثقة الماليين الذين لا يشعرون بالأمان في مدنهم رغم التواجد العسكري الفرنسي والإفريقي المكثف. وكانت المعارك التي عاشها سكان مدينة تومبوكتو الأسبوع الماضي، أكبر دليل، على أن الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على الإمساك بزمام المبادرة في حرب لم تتضح بعد نهايتها. وهو ما جعل الأمين العام الأممي بان كي مون يلمح مؤخرا، إلى أن "الظروف لم تتضح بعد لإجراء انتخابات حرة تحظى بالمصداقية وتتم في هدوء"، ودفعه ذلك إلى عرض اقتراحين على مجلس الأمن الدولي من أجل تحويل البعثة الدولية لدعم مالي بقيادة إفريقية إلى عملية ضمان الاستقرار والسلم تابعة للأمم المتحدة. ويتعلق الاقتراح الأول، بحضور سياسي متكامل ومتعدد الأبعاد للأمم المتحدة، إلى جانب قوة عسكرية بقيادة إفريقية، بينما يتعلق الاقتراح الثاني ببعثة ضمان الاستقرار المتكامل ومتعدد الأبعاد للأمم المتحدة، التي أنشئت بمقتضى الفقرة السابعة تكملة لقوة موازية. ويتزامن بحث هذين المقترحين، في الوقت الذي وصلت فيه بعثة إفريقية من مراقبي حقوق الإنسان تضم 10مراقبين إلى العاصمة المالية باماكو، في إطار تطبيق القرارات المشتركة لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا"الإيكواس" والخاصة بنشر 50 مراقبا لحقوق الإنسان في شمال مالي، ضمن عمل "بعثة الدعم الدولية التي تقودها إفريقيا في مالي". وتطرح مسألة انتهاكات حقوق الإنسان في مالي بقوة، في ظل تصاعد التقارير الخطيرة المؤكدة بحدوث إعدامات تستهدف خاصة الزنوج. ونددت الجمعية الرئيسية لرعايا الشمال في مالي، بحدوث إعدامات ضد السكان السود قالت إن عناصر من متمردي التوارق هم المسؤولون عنها. وقالت الجمعية في بيان، أمس، إن لديها معلومات مؤكدة ومقلقة بتعرض بعض السكان الزنوج في مدينة كيدال إلى إعدامات ومضايقات يقترفها عناصر من الحركة الوطنية لتحرير الأزواد.