باريس تضغط على الدول الإفريقية لاستخلافها في مهمتها العسكرية دخلت قوات النخبة الفرنسية منذ أمس في قلب المواجهة العسكرية مع مقاتلي التنظيمات المسلحة في شمال مالي، في مهمة تبدو نتائجها غير مضمونة في ظل تضارب المعلومات حول قدرة هذه القوات على استعادة ولايات شمال مالي إلى سيادة هذا البلد. وبدأت تعزيزات القوات الفرنسية رفقة نظيرتها المالية في التقدم شمالا، وهو ما يرشح الأوضاع الميدانية لأن تعرف أولى المواجهات المباشرة والمفتوحة بين طرفي معادلة الحرب في هذا البلد. وكشف وزير الدفاع الفرنسي جون ايف لو دريان أمس، أنّ ألفي عسكري وصلوا تباعا إلى مالي وهم الآن في طريقهم إلى شمال البلاد من مجموع قوة تعدادها 2500 عسكري، ممن وعدت باريس بإرسالهم إلى المستنقع المالي لنجدة الحكومة المالية ومساعدتها في صدّ هجمات المقاتلين الإسلاميين على العاصمة باماكو. ويبدو أن السلطات الفرنسية بدأت تتيقن أنّ تعداد هذه القوة التي قررت إرسالها ضمن عملية "سيرفال" غير كافية في تحقيق الهدف، مما جعل وزير الدفاع الفرنسي لايستبعد رفع هذا التعداد إلى أكبر من ذلك وقد يصل إلى أربعة آلاف رجل. ويتأكد من خلال الأرقام المقدمة والتي وصلت حد التضارب، أنّ فرنسا عندما قدمت رقما أوليا من ألف رجل للقيام بمهمة مساعدة القوات المالية، إنما فعلت ذلك حتى لا تحدث صدمة في أوساط الفرنسيين، ولكنها وبعد أن وضعتهم أمام الأمر الواقع بدأت تكيف خطتها تباعا وبما تفرضه معطيات الواقع الميداني والحرب المرتقبة مع تنظيمات تمكنت في الأشهر الأخيرة من تدعيم ترسانتها بأسلحة أكثر تطورا، وبإمكانها أن تصمد لأطول مدة ممكنة. كما أن السلطات الفرنسية التي تفاجأت من المواقف " المتخاذلة "لحلفائها الغربيين الذين اكتفوا بدعم لوجيستي، حتم عليها الاعتماد على نفسها ودعم حلفائها من دول غرب إفريقيا على قلته وعدم فعاليته في معركة لم تبدأ بعد. وفي محاولة لعدم تحرك ساحة المعركة فارغة، طالب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قادة دول غرب إفريقيا بمناسبة عقدهم قمة طارئة بالعاصمة الايفوارية، إلى التعجيل بأخذ المشعل العسكري في شمال مالي من القوات الفرنسية. وقال فابيوس قبل انطلاق أشغال هذه القمة، أن فرنسا وجدت نفسها مضطرة على الإسراع في التدخل، ولولا ذلك لما بقيت دولة اسمها مالي وبالتالي فإنه يتعين على الأفارقة أن يتسلموا المشعل وفي أقرب وقت ممكن. وأضاف، أنه يأمل في أن تتوصل خلال أسابيع إلى اتفاق لإرسال قواتها المقاتلة إلى شمال مالي، رغم إدراكه المسبق باحتمال اعتراض هذا الانتشار لمشاكل نقل ومشاكل لوجيستية يتعين تسويتها في حينها. وبالتزامن مع الجهد العسكري الذي تبذله فرنسا، إلا أن باريس عادت لتطرح فكرة الحوار السياسي بين شمال وجنوب مالي، في إشارة إلى ضرورة تفعيل المفاوضات بين الحكومة وأعيان المنطقة وكذا الحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي بقيت على الحياد، وعبرت عن استعدادها للتدخل إلى جانب القوات الفرنسية وبقناعة أنه لا يوجد سوى الإرهابيين في مالي ولكن أيضا مشاكل التنمية على اعتبار أن السكان جد فقراء في هذه المناطق. ولأجل ذلك، توجه فريق من منظمة الأممالمتحدة إلي مالي، لإجراء مشاورات مع السلطات المالية ودعمها في مساعيها لاستعادة نظامها الدستوري ووحدتها الترابية . وكان سعيد جانيت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب إفريقيا، توجه الخميس الماضي إلى العاصمة المالية، حيث التقي بالرئيس الانتقالي ديونكوندا طراوري، حيث ألح جانيت في هذه المحادثات على أهمية إعادة تفعيل المساعي السياسية . وإذا كان الوزير الفرنسي رافع لصالح دور إفريقي أكثر، فإنّ الرئيس الايفواري الحسن وتارا والرئيس الحالي لمنظمة "ايكواس"، وجه نداءه إلى كل المجموعة الدولية من أجل المشاركة في عملية التدخل العسكري. وحدد الأطراف الدولية بالقوى الكبرى وأكبر عدد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في العمليات العسكرية، حتى يحظى التحرك الفرنسي بحركة تضامن أكبر في حربها الشاملة والمتعددة الأوجه ضد الإرهاب في مالي.