صعد التيار السلفي التونسي من تهديداته ضد حكومة الوزير الأول علي العريض، عبر تنظيم مظاهرات احتجاجية وتجمعات، في وقت دخلت فيه قوات الأمن التونسية في مواجهات مسلحة غير مسبوقة مع عناصر إرهابية في جبال الشعانبي في ولايات جنوب شرق البلاد. واستغل التيار السلفي التونسي المتطرف الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد منذ الإطاحة بنظامها السابق، ليبرز إلى الواجهة بمنطلقات فكرية لم يعهدها المجتمع التونسي إلى وقت قريب، بسبب التضييق الأمني الذي فرض على عناصره، في ظل نظامي الرئيسين الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتغيرت لهجة التيار السلفي في تونس، بعد أن ساعدت عدة معطيات أمنية في المنطقة وخاصة منذ ثورة 17 فيفري في ليبيا، ذلك بلغت درجة تهديد الحكومة التونسية بشن حرب ضدها رغم أنها أول حكومة إسلامية تحكم تونس. ولم يشفع لها ذلك لدى المتطرفين الإسلاميين، وهي التي وجدت نفسها مطالبة بالتوفيق بين مطالب هؤلاء بفرض الدين الإسلامي كمصدر وحيد لتشريع في البلاد، وبين مطالب متزايدة لأحزاب علمانية وجمعيات المجتمع المدني التي ضغطت ومازالت من أجل منع حركة النهضة من تمرير تصوراتها العقائدية على القوانين الأساسية، وخاصة مشروع الدستور التونسي الجديد الذي يبقى محل جدل حاد، بسبب صراع معلن حول مكانة الدين الإسلامي في المجتمع التونسي. ويبقى سيف الله بن حسين الملقب باسم أبي عياض أمير حركة "أنصار الشريعة" المتطرفة، أحد المطلوبين لدى أجهزة الأمن التونسية، من أكبر المعادين لحركة النهضة وحكومتها. وراح هذا الأخير يهدد في بيان نشر أمس على موقع الكتروني، بشن حرب على حكومة راشد الغنوشي وحركة النهضة الإسلامية، بدعوى ارتكابها لحماقات غير مقبولة ضد الإسلام، وهي التي تدعي الدفاع عنه وهي في الواقع تحاربه". واتهم أبو عياض حركة النهضة بضرب الإسلام والانبطاح لدول غربية وأخرى عربية، وقال في بيانه "انتظروا صليل السيوف"، في تهديد صريح بانتهاج منطق العنف ضد حكومة الوزير الأول علي العريض. وأضاف، أن أبناء الحركة الذين قاتلوا في أفغانستان والشيشان والبوسنة والعراق والصومال وسوريا، لن يترددوا لحظة في التضحية بأنفسهم من أجل حماية الدين الإسلامي في القيروان. ولا يستبعد أن تشتد القبضة بين قوات الأمن التونسية والسلفيين المنضوين في صفوف حركة أنصار الشريعة خلال الأيام القادمة، بمناسبة عقد هذه الأخيرة لمؤتمرها السنوي المقرر ليوم الأحد القادم بمدينة القيروان في وسط تونس. ورفضت وزارة الداخلية إلى حد الآن منح ترخيص رسمي لهذه الحركة من أجل عقده، واشترطت لكل اجتماع من هذا الحجم حصول أصحابه على إذن رسمي من الجهات الوصية لعقده، ولكن التنظيم رد على ذلك بالتأكيد، أنّ من يدعو إلى الإسلام ليس في حاجة إلى طلب ترخيص بذلك. وتأتي هذه التهديدات، بعد مواجهات اندلعت خلال اليومين الأخيرين بين عناصر سلفية وقوات الأمن في مدينتي تطاوين ومدنين على الحدود الليبية والعاصمة تونس، بعد أن رفضت وزارة الداخلية الترخيص لإسلاميين متطرفين من إقامة خيم، لتنظيم تجمعات لهم في المدينتين.