قال الكاتب والباحث عمار بلخوجة إن الفنانين الجزائريين الذين حاربوا الاحتلال الفرنسي عن طريق الترويج للهوية الجزائرية بطريقة فنية، كثيرون ولا بد من محاربة ظاهرة النسيان في حقهم والتذكير بمآثرهم في كل مناسبة، مشيرا إلى أن الحفاظ على التاريخ جزء مفصلي وهام في الحفاظ على الشخصية الوطنية. في مداخلته بمناسبة اليوم الوطني للفنان بمنتدى الذاكرة الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد أمس بمقر جريدة المجاهد، تحدّث عمار بلخوجة عن مجموعة من الفنانين الذين ضحوا من أجل الوطن إبان الاحتلال الفرنسي وهم في ربيع أعمارهم، يتقدمهم الفنان الراحل العربي أحسن المعروف باسم حسيسن، إذ كرّمته جمعية مشعل الشهيد من خلال زوجته. وعن حسيسن قال عمار بلخوجة إن كل من عرفه يشهد له بأنه متميز ولامع في أداء الأغنية الشعبية، وأنه تفرّد عن غيره من المشايخ بقدرته الخارقة على حفظ القصائد من ثاني أو ثالث قراءة، وأنه أسّس أول جوق له وهو في 23 ربيعا، ونال شهرة كبيرة. وإلى جانب نشاطه الفني عمل حسيسن مع الحركة الوطنية وقام بعمليات تحسيس وتوعية الشعب الجزائري وتكذيب مزاعم المحتل بكون الجزائر فرنسية، وانضم إلى الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني إلى أن توفي بعد مرض يوم 27 سبتمبر 1959 بتونس عن عمر 39 سنة. وتطرق المتحدث لحياة الممثل والفنان الفكاهي محمد التوري، وقال إنه من مواليد التاسع من شهر نوفمبر 1914 بالبليدة، في وسط محافظ على التقاليد العربية الإسلامية. حفظ القرآن وتعلّم اللغة العربية. انضم سنة 1930 لفرقة “الأمل” التابعة للكشافة الإسلامية، ثم انخرط في جمعية الموسيقى والتمثيل التي كان يرأسها محمد الأكحل، ثم شكّل فرقة تمثيلية بمدينة البليدة وقدّم مجموعة من الأعمال المسرحية. وفي 1942 انتقل التوري محمد إلى مدينة الجزائر وانضم لفرقة التمثيل بالإذاعة تحت قيادة محيي الدين بشطارزي. واشتهر محمد التوري كممثل هزلي، حيث تقمّص العديد من الأدوار المسرحية والسينمائية، وإلى جانب نشاطه المسرحي ساهم في الكفاح الوطني ضد المحتل، حيث سُجن وعُذب، وتوفي في 30 أفريل من عام 1959. وأضاف عمار بلخوجة أن التوري ترك مجموعة من المسرحيات منها “مصائب الفقر”، “قاتل أخيه”، “سجين القصر”، “الكيلو”، “بوحدبة”، “سلّك يا سلاّك”، “بوكريشة”، “الواحلين” وغيرها. كما تحدّث بلخوجة عن عبابسية البادي الذي لم يأخذ حقه إعلاميا، فهو واحد من الموسيقيين البارعين الذين لبوا نداء الوطن أثناء الثورة التحريرية مقابل مشواره الواعد الذي تركه وهو في سن ال16 ربيعا فقط. وألّف العديد من الألحان، وهو من مواليد سوق أهراس سنة 1936، واستُشهد في أكتوبر 1958. من جهته، عرّج الفنان عبد الحميد رابية على الفنانَين؛ بتعريفهما بطريقة شعرية مبسطة، وتكلم عن الممثل الذي رحل حديثا؛ الحبيب رضا.