اضطر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس، لتمديد مهمته ضمن مساعيه التي يقوم بها لحلحلة مسار السلام وإخراجه من حالة الجمود التي دخلها متنقلا بين العاصمة الأردنية عمان والقدسالمحتلة. ويؤكد تمديد كيري لمهمته بيوم واحد أنه لم يتمكن من إيجاد أرضية توافقية بين طرفي الصراع لإقناعهم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات رغم تنقلاته المكوكية، ويكون قد اقتنع بأن مهمته لن تكون سهلة إن لم نقل مستحيلة في ظل التباين الكبير في المواقف وصعوبة التقريب بينها. ولم يسبق لوزير خارجية أمريكي أن قام بمثل هذه التنقلات حاملا مقترحات هذا الطرف ورد الطرف الآخر طيلة ثلاثة أيام كاملة، بما يزيد في الاعتقاد أنه لم يحقق التقدم الذي كان يصبو إليه، وهو الذي حمل على عاتقه مهمة دفع الجانبين إلى التحرك بخطوة أولى لاستئناف مسار سلام متعثر، وهي الخطوة التي ينظر إليها كيري رغم محدودية نتائجها العملية، على أنها ستكون في حال تمكن من تحقيقها، بمثابة خطوة عملاقة وبداية مسار طويل وصعب؛ لأنها ستكون بمثابة اختراق يُعتدّ به على طريق اعترف جون كيري أنه صعب وأنه يعمل بقوة من أجل تحقيق ذلك. وتكون هذه القناعة هي التي جعلت جون كيري يعتذر لنظيره الإماراتي على عدم حضور مأدبة عشاء على شرفه بمدينة أبوظبي الإماراتية، ويفضّل البقاء في فلسطينالمحتلة من أجل مواصلة مساعيه بين الجانبين. ورغم ذلك فإن مقربين من جون كيري رفضوا الكشف عن هويتهم، قلّلوا من أهمية تمديد هذه الزيارة، وأكدوا أن ذلك لا يعني أبدا تحقيق تقدّم يُعتدّ به في هذه المهمة دون أن يمنعهم ذلك من عدم إقفال الباب أمام كل أمل في تحقيق تقدم ولو كان محدودا. وتكون صعوبة المفاوضات التي يجريها كيري هي التي جعلت الفريق المقرب منه يفضّل انتهاج سياسة تكتُّم مطبق، حتى لا يؤثر على المفاوضات في حال تسربت أية معلومات إلى مختلف وسائل الإعلام، والتي قد تهدد النتائج التي يمكن تحقيقها. والمؤكد أن مسألة الاستيطان وحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية هي التي حالت إلى حد الآن، دون توصّل الجانبين إلى أرضية توافقية بينهما؛ على اعتبار أن الجانب الفلسطيني يرفض كل فكرة للعودة إلى المفاوضات المباشرة دون أن تلتزم إسرائيل بوقف لكل عمليات الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، التي فقدت قرابة أربعين بالمائة من مساحتها لصالح مستوطنات ضخمة ترفض إسرائيل إخلاءها، بل إنها تصرّ على إقامة مشاريع جديدة، كان آخرها إعطاء الضوء الأخضر لمستوطنة من 69 وحدة في القدس الشرقية.