قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بإمكانية تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ثاني يوم من زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضمن مساعي واشنطن لحلحلة عملية السلام المتعثرة منذ سنوات. ولكن كيري زاوج لتحقيق هذا السلام بين ما أسماه باحترام "أمن إسرائيل" من جهة، وبين احترام تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته. وقال أمام السلك الدبلوماسي بالقنصلية الأمريكية بالقدس الغربية "اعتقد إنه إذا تمكّنا من تلبية احتياجات إسرائيل الأمنية وتطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته...،يمكننا التوصّل إلى تسوية يمكن من خلالها إحلال السلام". وتكشف تصريحات رئيس الدبلوماسية الأمريكية، عن وجود تناقض كبير بين ما تقوله الولاياتالمتحدة وما تفعله على أرض الواقع، فهي من جهة تبدو وكأنها مازالت متمسكة بمبدأ حل الدولتين تتعايشان جنبا إلى جنب، لكنها لا تعمل من أحل ترجمة هذا الحل على أرض الميدان. بل وبسبب مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة والمنحازة تماما لإسرائيل، واصلت هذه الأخيرة سياستها الاستيطانية التهويدية بما أصبح يهدد هذا الحل باعتراف الأمين العام الأممي وعديد المسؤولين الغربيين أنفسهم. وقد سمع كيري مجددا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه معه برام الله بالضفة الغربية، نفس المطالب الفلسطينية المتمسكة بضرورة وقف الاستيطان والتفاوض على أساس حدود الرابع جوان 1967، أضاف لها الرئيس الفلسطيني هذه المرة ضرورة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في معتقلات الاحتلال وخاصة القدامى منهم. وهي كلها مطالب سبق ورفضتها إسرائيل جملة وتفصيلا، حتى أنها لم تبد أية نية في تسوية ملف الأسرى الذي بدأ يأخذ أبعادا خطيرة في ظل استمرار سوء معاملة الاحتلال لهم. ويكون كيري الذي سبق وقال إنه لم يحمل معه أية أفكار جدية لتحريك عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط، أدرك عمق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو الذي جاء في زيارة "استماع" لوجهات نظر الجانبين. وإذا كان كيري مقتنعا بإمكانية إحلال السلام، فإنه يتعين عليه أن يأخذ المطالب الفلسطينية على محمل الجد وأن يرفع كلمة "لا" كبيرة في وجه المحتل الإسرائيلي من أجل دفعه للانصياع للشرعية الدولية. وهو ما يبدو غير ممكن بالعودة إلى كل التجارب السابقة التي قادها مسؤولون أمريكيون نادوا جميعهم بحل الدولتين دون أن يتمكنوا من تحقيقه. وواصل كيري أمس لقاءاته المكوكية بين المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث التقى برئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بمقر القنصلية الأمريكية العام بالقدس المحتلة، قبل أن يلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الإسرائيلي شمعون بريز.