بابتسامة عريضة تنم عن حبها العميق للفن وتعطشها للمسرح، فتحت لنا قلبها الممثلة القديرة المعروفة بخفة دمها في السلسلة الفكاهية "عيسى سطوري" و«أعصاب و أوتار"، فتيحة سلطان ابنة الجسور المعلقة التي عشقت أزقة عنابة الضيقة التي احتضنتها بدورها، فنانة دخلت قلوب كل الجزائريين بعد نصف قرن من العطاء الفني والتواصل الروحي مع المسرح. كشفت الفنانة الكوميدية فتيحة سلطان عن حبها الكبير للمسرح الذي تعلقت به منذ طفولتها، حيث كانت بدايتها في مرحلة الابتدائي، حين كانت الفنانة تشارك في مسرحيات الأطفال في مدرستها، لأن المسرح كان في تلك الفترة يدرس كمادة أساسية، وعليه اكتشفت موهبتها بين أسوار المدينة العتيقة قسنطينة. وحسب محدثتنا، فإن حلمها من طبيبة تحول حسب الظروف وتقاليد العائلة التي حرمتها آنذاك من الذهاب إلى الجامعة إلى الوقوف على الركح واقتحام عالم التمثيل في المسرح، لتضيف فتيحة سلطان: "المسرح هو الذي اختارني، بعد أن عملت فيه نصف قرن برصيد قدر ب 14 عملا مسرحيا". من أهم المسرحيات التي تأثرت بها الفنانة والقريبة إلى قلبها مسرحية "يوم الجمعة خرجوا لريام"، إذ تجدها الفنانة مكسبا لها لأنها مثلت إلى جانب وجوه فنية ومسرحية معروفة، منها الفنان العيد قابوش، المرحوم كمال كربوز، بالإضافة إلى الفنان القدير حفيظي محمد صالح، كما تركت لها كذلك مسرحية "المحقور" نص ابن عيسى سليمان وإخراج المرحوم بوقرموح مالك، أثرا عميقا في نفسها، لأنها تعالج مشاكل المجتمع الجزائري والصراع بين الأجيال. وفي هذا الشأن، قالت سلطان إن كل أعمالها المسرحية بمثابة أرضية خصبة لها، فيها بنت مسارها الفني للأجيال القادمة، وهي راضية على ما قدمه المسرح الجزائري رغم قلة الإمكانيات، إلا أن ذلك لم يمنع ظهور أسماء صنعت سمعة الفن الرابع، منها الفنانة صونيا، فطيمة حليلو وأخريات، وحسب محدثتنا، فإن هؤلاء الفنانات مجاهدات المسرح لأنهن رضعن منه، إلى جانب كوكبة من الفنانين الآخرين الذين أضافوا للثقافة الجزائرية الكثير. وفي سياق آخر، انتقدت الفنانة فتيحة سلطان الطريقة التي تنظم بها المهرجانات المقامة بالمسارح الجهوية، لأنها أحدثت القطيعة مع الفنانين والممثلين الكبار، مذكرة بما وقع في مهرجان المسرح العربي بوهران، الذي أقصى أغلب الفنانين والممثلين، مما يعتبر حسبها مشكلا آخر من شأنه أن يضعف التواصل بين الأسرة الفنية، وقد طالبت محدثتنا بضرورة الاهتمام بالفنان، خاصة في المهرجانات والتظاهرات الثقافية. وعلى صعيد آخر، أبدت الممثلة الكوميدية ارتياحها الكبير إزاء إدخال اللغة العربية على المسرح الجزائري الذي كانت تغلب عليه الدارجة، مؤكدة أن الجيل المسرحي الجديد متحكم في لغة الضاد، وهي إضافة أخرى للثقافة المحلية. أما عن تعاونية الفنون التي تترأسها حاليا، فأكدت أن من خلالها اكتشفت مواهب فنية عديدة، منها الممثل عبد الرحمن جموعي الذي اعتبرته فنانا له طاقات متعددة ساعدها في نشاطها اليومي في التعاونية، لتضيف أن ثمة عمل مسرحي جديد ستنتجه التعاونية مع مطلع السنة الجديدة، سيكون باكورة خير على المسرح الجزائري.